المشاط: لمؤتمر الحضري العالمي فرصة لتبادل ...
ألقت الدكتورة رانيا المشاط، وزيرة التخطيط والتنمية الاقتصادية والتعاون الدولي، الكلمة الرئيسية، في جلسة خاصة بعنوان "الحكمة وراء الحضارات"، وذلك خلال فعاليات المُنتدى الحضري العالمي الذي تستضيفه القاهرة خلال الفترة من 4-8 نوفمبر الحالي، وذلك بمشاركة الدكتور ميشال ملينار، الأمين العام المساعد والمدير التنفيذي بالنيابة لبرنامج الأمم المتحدة للمستوطنات البشرية (موئل)، ويوريكو كويكي، محافظ العاصمة اليابانية طوكيو، والدكتور إسماعيل سراج الدين، العالم المصري ومدير مكتبة الإسكندرية السابق، ومنير مانيه، مدير البنية التحتية وتحسين المخيمات بالأونروا، وجوتي هوساجراهار، نائب مدير مركز التراث العالمي باليونيسكو، الدكتور يوسف دياب، أستاذ التخطيط والهندسة الحضرية المستدامة بجامعة جوستاف ايفل. وأدار الجلسة تشيكا أودواه، مخرجة أفلام وثائقية.
وفي كلمتها في الجلسة؛ أكدت الدكتورة رانيا المشاط، أن استضافة مصر للمؤتمر الحضري العالمي يعد انعكاس حقيقي للاهتمام المتزايد من جميع أنحاء العالم ليس فقط في مجال تطوير المدن، ولكن أيضًا في أهمية ربط هذا التطوير بمفاهيم الاستدامة، التي أصبحت اليوم قضية محورية في جميع النقاشات والقرارات التي تُتخذ بشأن المستقبل الحضري، مشيرة إلى أن المؤتمر يعد فُرصة لتبادل الخبرات، والعمل معًا من أجل بناء مدن أكثر استدامة ومرونة وقدرة على مواجهة التحديات المستقبلية.
وأشارت «المشاط»، إلى تجربة طوكيو اليابانية في تطوير المدن المستدامة والتي تعد مثالاً يُحتذى به في جميع أنحاء العالم، لافتة إلى جهود طوكيو في تحويل نفسها إلى مدينة تتمتع بكفاءة عالية في استخدام الموارد مع الحفاظ على البيئة، معربة عن تطلعها للتعاون المستقبلي مع طوكيو في تطوير المدن المصرية بما يتماشى مع أفضل المعايير العالمية في مجال الاستدامة.
وقالت وزيرة التخطيط والتنمية الاقتصادية والتعاون الدولي، إن شغلها منصب وزيرة للسياحة سابقًا، منحها الفرصة للتعرف عن كثب على أحد أهم القطاعات الاقتصادية في مصر، مشيرة إلى أنه عندما نتحدث عن السياحة في مصر، فإننا لا يمكن أن نفصل هذا القطاع عن الآثار المصرية العريقة التي تحتل مكانة بارزة على مستوى العالم، فمصر واحدة من أكبر دول العالم التي تمتلك أكبر عدد من الآثار التاريخية، وهي ليست مجرد معالم سياحية، بل هي مصدر مهم للفهم العميق عن كيفية بناء وتطوير المدن في الماضي، فهذه الآثار تمثل نموذجًا حقيقيًا على كيفية استخدام الموارد الطبيعية المتاحة بشكل فعال ومستدام.
تابعت الدكتورة رانيا المشاط، أن الاستدامة ليست مجرد هدف بيئي، بل هي ثقافة ونمط حياة يجب أن يتواجد في جميع جوانب الحياة المدنية، مؤكدة أهمية التعلم من الحضارات القديمة كيف كانت تدمج الاستدامة في جميع مجالات الحياة من العمارة إلى إدارة الموارد، والتجارة، والتعليم، والزراعة، والنقل.
وفي ذات السياق؛ أشارت وزيرة التخطيط والتنمية الاقتصادية والتعاون الدولي إلى مشروع المتحف المصري الكبير والذي يعد مثال حي على دمج الاستدامة مع التراث الثقافي، فالمشروع كان بداية لشراكة دولية قوية، حيث شاركت الحكومة اليابانية بشكل رئيسي في تمويله، ومن خلال هذا التعاون الدولي، أصبح المتحف ليس فقط معلمًا ثقافيًا، بل نموذجًا للتنمية المستدامة في جميع جوانب بنائه وتشغيله، حيث تم تصميم المتحف وفقًا لأعلى المعايير البيئية، كما حصل على شهادة EDGE من مؤسسة التمويل الدولية (IFC) بفضل التزام المتحف بالممارسات البيئية المستدامة، كأول متحف أخضر فى أفريقيا والشرق الأوسط.
أضافت أن بين أبرز معالم الاستدامة في المتحف هو استخدام تقنيات حديثة للحد من استهلاك الطاقة، وتعزيز كفاءة استخدام الموارد الطبيعية، مشيرة إلى الموقع الاستراتيجي للمتحف في منطقة الجيزة والذي يوفر فرصة كبيرة للتنمية المستدامة في المنطقة المحيطة به، فقد ساعد المتحف في خلق بنية تحتية متطورة تشمل الطرق والمرافق العامة التي تسهم في تحسين مستوى الحياة في المنطقة، وتسهيل حركة السياح والزوار إلى المعالم السياحية الأخرى في القاهرة، وهذا ما يعكس التفاعل المتكامل بين الثقافة والتنمية الحضرية، حيث تسهم مشاريع مثل المتحف المصري الكبير في تحسين الحياة الحضرية ورفع مستوى الخدمات العامة.
وقالت الدكتورة رانيا المشاط، إن قطاع السياحة في مصر لا يقتصر فقط على جذب الزوار الدوليين، بل يساهم أيضًا بشكل كبير في الاقتصاد المحلي من خلال توفير فرص عمل في العديد من القطاعات، فلكل وظيفة مباشرة في السياحة، هناك أربعة وظائف غير مباشرة تُخلق في قطاعات أخرى مثل النقل، والفنادق، والمطاعم، والتجزئة وتوضح هذه الأرقام أهمية السياحة كداعم رئيسي للاقتصاد المصري.
وفي ختام كلمتها، أكدت الدكتورة رانيا المشاط أن المنتدى الحضري العالمي يعتبر فرصة لنا جميعًا لتبادل الأفكار والخبرات حول كيفية بناء مدن مستقبلية تلبي احتياجات الأجيال القادمة، وتتعامل مع التحديات البيئية، وتعزز من قدرة المجتمعات على التكيف مع الظروف المتغيرة، وإن الحكمة التي قدمتها لنا الحضارات القديمة هي مصدر إلهام دائم، ويجب أن نعمل جميعًا معًا لنستفيد منها في تطوير مدننا الحديثة.