9 دقائق من الفخر.. هكذا نفذ الأبطال المصريون عملية "وضح النهار" وأذلوا 14 إسرائيلياً -صور - سبورت ليب

عزيزي الزائر أهلا وسهلا بك في موقع سبورت ليب نقدم لكم اليوم 9 دقائق من الفخر.. هكذا نفذ الأبطال المصريون عملية "وضح النهار" وأذلوا 14 إسرائيلياً -صور - سبورت ليب

السويس - حسام الدين أحمد:

كانت معارك الاستنزاف بمثابة الإعداد لحرب النصر والعزة، لاسترداد الأرض، عمليات فدائية خلف خطوط العدو تنقل صورة حية للقيادة في القاهرة عن تمركزات العدو وعتاده، وقبل أن يعودوا يتركوا لهم الألغام والأفخاخ لتنال منهم وتسقط جنودهم بين قتيل ومصاب.

إلا أن العدو كان ينكر دوما خسائره، كما يحدث ونراه الآن، وكان يدعي أن من ينفذون تلك العمليات عناصر تخريبية، وأن أفعالهم لن تؤثر في جيش الكيان المحتل، لذلك كان لابد من الرد بدليل، وكانت تعليمات الزعيم جمال عبدالناصر بعبور القناة فجرا وزرع إشراك وألغام واستهداف دورية وتدميرها والعودة بأسير حي ونصب العلم المصري على خط باريف.

العودة بأسير

"كانت التعليمات واضحة لازم نرجع بأسير حي" يقول عبد المنعم قناوي الفدائي عضو منظمة سيناء العربية، أحد الأبطال الأحياء من بين منفذي العملية التي ضمت 14 فدائي من المنظمة.

على فراشه الذي يلازمه لظروفه المرضية، يروي عبد المنعم قناوي الملقب بـ"صقر السويس"، لـ"مصراوي"، كواليس العملية التي نفذوها يوم 5 نوفمبر 1969 في زمن قياسي يقل عن الزمن المحدد لمهمة، عملية تحدثت عنها الصحف في مصر والشرق الأوسط وكان لها صدى واسع امتد لأسابيع، أذلت إسرائيل وأظهرت ضعفها امام عمليات الفدائيين.

الاستعداد لحرب

ويقول "قناوي": "إن الاستعداد لحرب استرداد الأرض بدأ من خلال عدة معارك كانت تدور على أرض سيناء، كان عناصر منظمة سيناء العربية بمثابة رادارات بشرية تنقل كل المعلومات المطلوبة للقيادة في القاهرة وترسم خريطة واضحة لأماكن العدو وأسلحته وعدد الافراد والعتاد وكل التفاصيل المطلوبة من أجل معركة الحسم".

رصد وهجوم

وأضاف قناوي: "إن رجال المقاومة والفدائيين كانوا يرصدون الموقع الإسرائيلية نهارا ويهاجمون مخازن الذخيرة ومستودعات وقود ليلا، مع قطع أسلاك الاتصال، ووضع الألغام في الطرق والمدقات التي يستخدمها العدو في منطقة شرق القناة".

" كانوا ينكرون أي خسائر، ويخرج قادتهم ليصرح بأن ما حدث عمليات تخريبية على يد مرتزقة"، يصف "صقر السويس" رد فعل العدو رغم خسائره، لذلك كان لابد من تغيير المشهد، وكانت تعليمات الرئيس جمال عبد الناصر بتنفيذ العملية نهارا، والعودة بدليل مادي يثبت العبور وهو أسير، وترك أثر يؤرقهم ويرمز للكرامة برفع العلم المصري، بالضفة الشرقية للقناة على خط بارليف.

عملية جديدة

بعد كل عملية رصد يتم تحديد اهداف، وقع الاختيار ذلك اليوم على المنطقة المواجهة لمعدية الشط، على الضفة الشرقية للقناة، أختار رجال المقاومة أحدى الدوريات التي تمر مع شروق الشمس وتضم عربتين مجنزرة ودبابة وقوتها 18 فرد 3 ضباط و15 جنديا.

ويروى قناوي أحد افراد مجموعة الاستطلاع أن كل فردين كانوا يتسلقون نخلة مرتفعة غرب القناة، من قبل شروق الشمس، لرصد تحركات العدو، على الطريق المواجهة لهم، ليتعرفوا متى يتحرك العدو وعدد القوات ومواعيد التحرك، من شروق الشمس وحتى غروبها.

صوت وضوء

يقول:" لما كنا بنزود ساعات الرصد كنا نشوف أضواء وأصوات عالية كأن في حرب بتحصل على الضفة الشرقية، لكن يحول دون رؤيتها الساتر الترابي"، وتابع: أن قائد مجموعة الفدائيين مصطفى أبو هاشم استأذن من قيادة إدارة المخابرات الحربية والاستطلاع في السويس للعبور ليلا واكتشاف الأمر".

خدعة العدو

سبح أبو هاشم، رفقة الفدائي محمود عواد، كانا بطلين في السباحة، وعادا منتصف الليل ومعهم ميكروفون ويعلو وجههما ابتسامة، يقول قناوي:" إن الأمر لم يتعدى خدعة من العدو، إذ ثبت العدو أضواء كاشفة ومكبرات صوت ليظن من يسمح ويرى من الجانب الآخر أن هناك كول سيارات قادم من عمق سيناء، ونشروا مكبرات صوت تبث تسجيل لأصوات تحركات الدبابات والعربات المجنزرة".

عملية في النهار

روى مصطفى أبو هاشم ومحمود عواد ما شاهداه في أرض سيناء، أمام الضابط المسؤول، يخبرنا قناوي "أن الضابط سأل إن كان الفدائيين في المجموعة مستعدون لتنفيذ عملية في النهار؟ كان رد المجموعة أنهم تلقوا تدريبات مكثفة تؤهلهم لذلك، وأبلغهم أن العملية الجديدة ستبدأ فجرا.

نصف الذخيرة

نال الرجال قسط من الراحة، ثم أخبرهم مدير مخابرات السويس بتعليمات العملية التي أمر بها الزعيم جمال عبد الناصر، ثم أخبرهم بأنهم سوف يستعينوا بنصف كمية الذخيرة المعتادة في العمليات، كانت التعليمات آلا يتعامل أفراد المجموعة أو يخرج أيا منهم طلقة واحدة إلا بعد الطلقة التي يطلقها الفدائي مصطفى أبو هاشم، بينما كان باقي التسليح 4 قنابل وسلاح ار بي جي مزود بــ 2 قاذف" بحسب قناوي كانت تلك تعليمات التسليح التي أصدرها الضابط المسؤول عن العملية.

أبطال المجموعة

يذكر قناوي أسماء زملائه في العملية، يحفظهم عن ظهر قلب وهم الفدائيين "مصطفى أبو هاشم قائد العملية، ومحمود عواد وأحمد العطيفي، عنصري مجموعة اقتحام يمين، وسعيد البشاتلي وإبراهيم سليمان وكان قناوي معهم في مجموعة اقتحام يسار.

أما مجموعتي حماية وقطع الطريق يمين ويسار فضمت فايز حافظ أمين وأشرف عبد الدايم ومحمود طه، فتحي عوض الله وعبد المنعم خالد وميمي سرحان وغريب محمد غريب وحلمي حنفي شحاته، وكان تسليح آخر فردين قاذف ار بي جي.

سلك اعصاري

تحرك الرجال في قوارب إلى الضفة الشرقية للقناة، وعقب وصولهم حدث خطأ، حيث لامس أحد الأفراد سلك اعصاري مثبت بين أوتاد خشبية، وهو سلك رفيع يكاد لا يرى، تسبب ذلك في حدوث إنذار بعبور شخص الضفة الشرقية للقناة، تلقى إشارة التنبيه النقطة الحصينة 149 شمال الموقع المستهدف.

بحسب قناوي لم يعرف جنود دورية العدو ماذا حدث، أو بالأحرى من عبر ليحرك سلك بهذه الدقة، وهل تزغل في سيناء أم نفذ عملية وغادر، لذلك توجهوا جنوبا لتمشيط الطريق أسفل الساتر الترابي على طول القناة.

كلبين حرب

لم ينتظر رجال المقاومة، وضعوا الإشراك والألغام الأرضية، وبعضها كان لغمين فوق بعضهما، في طريق دورية التمشيط التي رصدوها ليلة العملية، وصلت الدورية كانت في مرمى البصر، تضم عربيتين نصف جنزير، على غطاء محرك السيارة الأولى جلس جنديين من سلاح المهندسين الإسرائيليين وأمامهما كلبين حرب، لتمشيط الطريق واستكشاف أي أثر.

يؤكد قناوي، أن الروح الايمانية كانت مرتفعة للغاية، كان يعلم كل منهم أن الله سينصرهم، وكان من المفارقات القدرية أن تغير اتجاه الرياح، فلا تدرك كلاب الدورية رائحتهم قبل الدورية المستهدفة.

يذكر "صقر السويس"، أن مخطط العملية استهداف الدورية المفاجأة، لسببين الأول قلة عدد أفردها، والآخر أن الدورية المقصودة كانت على مسافة عشرات الأمتار منهم، ولم يكونوا مستعدين لمواجهة دوريتين، فانتظرا وصول هدفهم الذي يحمل عدد أكبر من جنود العدو".

دورية التمشيط

استكملت دورية النقطة 149 طريقها للتمشيط، ترجل جنديين وضابط العربة الأولى يسيرا في المقدمة مشكلين رأس حربة بجوار كل منهما كلب حرب مدرب على كشف الألغام وتقفى الأثر، حتى رأى أحدهما لغم، كانا لغمين فوق بعض ليحدث أكبر قدرة تدميرية في الدورية"

تغيير تكتيكي

حدثت في الخطة بعض التغييرات التكتيكية يقول منقذ العملية، أنه وزملائه حين كانوا يراقبون يرصدون حركة العدو علموا أن المسافة بين المركبة الأولى والثانية 4 متر تقريبا، ومثلها بين المركبة الثانية والمجنزرة، كان المستهدف من العملية أن تدمر مجموعتي الاقتحام السيارتين، وتتولى مجموعة الحماية تدمر المجنزرة بقذيفة أر بي جي.

وواصل قناوى "لكن بعد إنذار العبور، تغيرت المسافة بين مركبات العدو فوصلت إلى 10 أمتار في محاولة لتأمين الدورية وكشف أكبر مساحة ممكنة" لذلك كان التعامل وفق الخطة الموضوعة صعبا للغاية لأن أماكن ارتكاز الفدائيين كانت بعيد عن الأهداف وغير مباشر لها مما يصعب تدميرها.

يخبرنا بما حدث قبل 55 عاما، يقول إن جندي من سلاح المهندسين انحنى لينبش الأرض، وقبل أن يلمس اللغم أطلق علية النار مصطفى أبو هاشم فصرخ وسقط قتيلا، كانت الطلقة الأولى إشارة لباقي أفراد المجموعة للتعامل بالأسلحة، فأجرت مجموعة الاقتحام الأولى التفاف لهجوم العربة الثانية، التي كان يستقلها الضابط وسائق و4 جنود في الصندوق جالسين حول مدفع جرينوف.

نقاط ضعف

فر بعض الجنود في العربة الأولى إلى حفر برميلية بالطريق كان العدو أعدها مسبقا كشراك وليختبئ فيها جنودهم، وقت المعارك، في مشهد لسرعة البديهة وقلب نقاط قوة العدو ضعفا يحكي منفذ العملية أن العربة الأولى استمرات في التحرك واعاقت رؤية الحفر البرميلية، في حولناها والحفر لقبور حيث دحرجوا القنابل وكأنها كرات جولف تستهدف الحفر في الأرض، وكانوا يدركوا أنهم أصابوا هدفهم حين يسمعون صوت صراخ الجنود مع انفجار كل قنبلة.

تقدمت الدبابة من مؤخرة الدورية، فبادرتها مجموعة حماية قطع الطريق بقذيفة ار بي جي أطلقها الفدائي حلمي حنفي، صوت الانفجار الشديد كان شديد، فهلع الجنود في العربة الثانية، وفر أحدهم هاربا وهو يصرخ، واستطاعت مجموعة الاقتحام يمين ضرب السيارة الثانية في المؤخرة، فقتلوا من في الصندوق.

9 دقائق فقط

استطاع منفذي العملية، قتل 14 جندي و3 ضباط، وأسر جندي والعودة جندي من المهندسين الذي كان مترجلا امام الدورية، واستغرق وقت التنفيذ 9 دقائق فقط، من الزمن المقدر بـ 14 دقيقة، بينما تولى مصطفى أبو هاشم تثبيت العلم المصري في حفرة كان أعدها في الليلة السابقة، وظل العلم مرفوع على صاري بطول 6 امتار، وكان القناصة المصرية بالمرصاد لكل من حاول اسقاط العلم، بينما سقط 12 جندي للعدو تجرأوا على الاقتراب منه.

قد تقرأ أيضا