ماذا لو تعادل ترامب وهاريس في الانتخابات الرئاسية الأمريكية؟ سيناريو نادر يثير التساؤلات
تزداد التكهنات حول النتائج المحتملة للانتخابات الرئاسية الأمريكية لعام 2024، وسط تقارب شديد بين المرشحين الرئيسيين، الجمهوري دونالد ترامب والديمقراطية كامالا هاريس. وبينما يستبعد الخبراء سيناريو التعادل في أصوات المجمع الانتخابي، إلا أن إمكانية وقوعه لا تزال واردة، وهي فرضية تاريخية نادرة حدثت مرة واحدة فقط في عام 1800.
ففي حال تعادل المرشحان في عدد أصوات المجمع الانتخابي – أي 269 صوتًا لكل منهما – يتم اللجوء إلى إجراءات دستورية محددة لحسم النتيجة. هذه الإجراءات التي تنص عليها القوانين الأمريكية توضح كيفية التعامل مع هذا السيناريو الغريب، الذي يُعد من أصعب التحديات الدستورية التي يمكن أن تواجه النظام السياسي في الولايات المتحدة.
السيناريو التاريخي للتعادل: ماذا حدث عام 1800؟
كان التعادل الذي حدث عام 1800 بين المرشحين توماس جيفرسون وآرون بور أول سابقة من نوعها في الانتخابات الأمريكية، حيث حصل كلا المرشحين على عدد متساوٍ من أصوات المجمع الانتخابي. واستغرق الأمر من الكونغرس عدة جولات تصويت لحسم الفائز، في عملية عرفت بالكثير من الجدل السياسي، وانتهت بفوز جيفرسون بعد تدخل ألكساندر هاملتون لصالحه. وأدى هذا التعادل إلى اعتماد التعديل الدستوري الثاني عشر، الذي حدد آلية الحسم في حالة التعادل، ونص على أن يتم نقل الأمر إلى مجلس النواب.
ما الذي سيحدث لو تكرر سيناريو التعادل في 2024؟
إذا تعادل ترامب وهاريس في أصوات المجمع الانتخابي بحصول كل منهما على 269 صوتًا، فإن مجلس النواب سيتولى حسم نتيجة الانتخابات، بموجب التعديل الثاني عشر للدستور الأمريكي. وفي هذا السيناريو، يحصل كل وفد من وفود الولايات الخمسين على صوت واحد فقط، بغض النظر عن حجم الولاية أو عدد سكانها. ويتطلب الفوز الحصول على أغلبية 26 صوتًا على الأقل من أصوات الولايات في مجلس النواب.
أما بالنسبة لمجلس الشيوخ، فيتولى انتخاب نائب الرئيس، حيث يصوت كل عضو من أعضائه بشكل فردي. وهذا يعني أن احتمالية أن يكون رئيس الجمهورية من حزب، ونائب الرئيس من الحزب المعارض، واردة في هذا السيناريو النادر، مما قد يعقد عملية الحكم والتنسيق بين السلطتين التنفيذية والتشريعية.
التوقعات الحالية: تقارب شديد واستبعاد التعادل
تشير استطلاعات الرأي إلى تقارب شديد بين المرشحين، لكن الخبراء يستبعدون سيناريو التعادل باعتباره احتمالًا ضئيل الحدوث. ورغم ذلك، تظل الولايات المتأرجحة كالعامل الحاسم في المعركة الانتخابية، حيث يمكن لنتائج عدد صغير من الولايات، مثل بنسلفانيا وجورجيا وميشيغان، أن تقلب موازين الأصوات في المجمع الانتخابي.
ويعلق الخبراء على هذا السيناريو بأن تحقيق التعادل أمر صعب نظرًا لتوزيع الولايات واختلاف أوزانها الانتخابية، لكن في حال حدوثه ستكون الإجراءات القانونية المعمول بها قادرة على إدارة الموقف، رغم التوترات السياسية المحتملة.
تداعيات سياسية محتملة في حال التعادل
رغم أن النظام الانتخابي الأمريكي وضع ترتيبات واضحة للتعامل مع سيناريو التعادل، فإن هذا الاحتمال قد يتسبب في توتر شديد بين أنصار المرشحين، خاصة مع تصاعد الاستقطاب السياسي في الولايات المتحدة. ففوز رئيس عبر قرار الكونغرس وليس عبر أصوات المجمع الانتخابي بشكل مباشر قد يُشعل النقاشات حول عدالة النظام الانتخابي وفاعليته في تمثيل إرادة الشعب. كما أن وجود رئيس ونائب رئيس من حزبين مختلفين قد يعرقل تنفيذ سياسات حكومية، ويؤدي إلى حالة من الجمود السياسي.
نظام دستوري قوي لمواجهة السيناريوهات النادرة
رغم استبعاد حدوث التعادل، فإن النظام السياسي الأمريكي أعدّ سيناريوهات للتعامل مع هذا النوع من الحالات النادرة. فالتعديل الثاني عشر للدستور يعكس مرونة النظام وقدرته على معالجة الأزمات الانتخابية. ومن المؤكد أن احتمالية التعادل تضيف إلى السباق الانتخابي مزيدًا من الإثارة، وتجعل المواطنين الأمريكيين والعالم بأسره في حالة ترقب، لمعرفة من سيصل إلى البيت الأبيض في نهاية هذا السباق التاريخي.