الجنائية الدولية وإسرائيل وفزاعة معاداة السامية.. متى تخرج الدولة العبرية من عباءة الضحية المزيفة؟
توالت ردود الفعل الأوروبية بعد قرار المحكمة الجنائية الدولية اليوم بإصدار مذكرة اعتقال بحق رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو ووزير الدفاع السابق يوآف جالانت، بعد اتهامهم ارتكاب جرائم حرب ضد سكان قطاع غزة.
فزاعة معاداة السامية
على المستوى القيادات الإسرائيلية بطبيعة الحال حظي القرار برفض واستنكار سواء من اليمين المتطرف أو المعسكر المعارض، وسرعان ما وصفت تل أبيب هذا القرار "بمعاداة السامية" وأنه قرار يستهدف (اليهود)، وليس الأمر غريب فكل قرار إدانة اوانتقاد دولي يطال الدولة العبرية، سرعان ما تصنفه إسرائيل على أنه يحض على الكراهية ضد اليهود، فإسرائيل مباح لها القتل والترهيب وممارسة جرائم حرب تحت بند الدفاع عن النفس، ومن ينتقد سياسة العربدة التي تقوم بها وتهدد أمن واستقرار المنطقة فتصنفه أما إرهابي أو (مخرب) أو معادي للسامية او اي اتهام من قائمة الاتهامات التي لديها وتلصقه بالأصوات التي تدين فقط سياستها وانتهاكاتها وتحولهم إلى مجرمين!
إسرائيل وسياسة الضحية الزائفة
فبعد إعلان الجنائية الدولية بهذا القرار خرج مكتب رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو بتصريح يعكس سياسية "الضحية الزائفة" ورأت أن القرار غير عادل ومعادي للسامية، وأكدت أن إسرائيل ستواصل حربها المشروعة على غزة (عذراً الإبادة ضد الفلسطينيين)!
أما الرئيس الإسرائيلي إسحاق هرتسوج فذهب أبعد من ذلك فكرر أن يغلف القرار الدولي بطابع غير عادل في تاريخ الإنسانية، وكأن ما تفعله إسرائيل للفلسطينيين من قتل وتهجير إبادة واعتقال وترويع وإرهاب هو عين الإنسانية وخدمة مجانية إسرائيلية لصالح الفلسطيني. ووصف هرتسوج القرار:" يوم أسود في تاريخ العدالة الإنسانية".
أما القبح الأكبر وتكشف النوايا الحقيقة للسياسة الإسرائيلية الرافضة للسلام هو ما جاء على لسان وزير المالية الإسرائيلي بتسلئيل سموتريتش، ووزير الأمن المتطرف إيتمار بن جفير، فدعا رد على مذكرة اعتقال نتنياهو وجالانت، بضم كامل للضفة الغربية وبناء مستوطنات وفرض عقوبات على السلطة الفلسطينية.
صفعة غربية على وجه الدولة العبرية
أما على المستوى الأوروبي فكان هناك موقف غربي صادم للدولة العبرية، وذلك بعد أن أعلن الاتحاد الأوروبي عن التزامه بقرار الجنائية الدولية، فمسؤول السياسة الخارجية بالاتحاد الأوروبي جوزيب بوريل قال إن:" قرار المحكمة الجنائية الدولية ملزم لكل الدول الأعضاء في المحكمة والاتحاد الأوروبي".
فيما أعلنت هولندا عقب القرار استعدادها للتحرك بناء على أمر الجنائية الدولية باعتقال نتنياهو، وقال وزير الخارجية الهولندي فيلد كامب في مجلس النواب إنه "إذا هبط نتنياهو على الأراضي الهولندية، فسيتم اعتقاله".
وأضاف:" لن تقوم هولندا بعد الآن بإجراء اتصالات غير أساسية مع نتنياهو. وينطبق الشيء نفسه على وزير الدفاع الإسرائيلي السابق جالانت".
بينما فرنسا التي توترت العلاقات خلال الآونة الأخيرة مع إسرائيل وإن كان فقط على المستوي الدبلوماسي فقالت الخارجية الفرنسية:"رد الفعل الفرنسي على أمر الجنائية الدولية باعتقال نتنياهو سيكون متوافقا مع مبادئ المحكمة".
ومن المتوقع أن ينتظر نتنياهو الفرج من الرئيس الأمريكي دونالد ترامب الذي يدلل إسرائيل ويبارك سياستها الحمقاء اليمينية، وهو ما لم يخفيه مستشار الأمن القومي لترامب عندما هدد الجنائية الدولية بالانتظار حتى يناير المقبل وقال بكل صراحة :" توقعوا رد قوي في يناير على تحيز الجنائية الدولية المعادي للسامية".!
فهل انتقاد السياسة الإسرائيلية أصبح معاداة للسامية، بينما قتل إسرائيل الفلسطينيين وتهجيرهم ومحاولة اعتقال جذورهم من (أرضهم) هو رسالة حب ونصرة للسلام والتعايش..؟! فمتي تخرج إسرائيل من عباءة الضحية المزيفة وتعلم أن طوفان الأقصى رغم حجم الكارثية التي نتجت منها إلا أنها كشفت الوجه الحقيقي للدولة العبرية أمام العالم وكانت بمثابة صحوة ومحاولة إعادة القضية الفلسطينية إلى مركزياتها من جديد، وأن فلسطين شأت أم أبيت الولايات المتحدة وإسرائيل القضية التي تتربع على عرش القضايا العالمية!