في مهبِّ الغياب..!
نعرض لكم زوارنا أهم وأحدث الأخبار فى المقال الاتي:
في مهبِّ الغياب..!, اليوم الجمعة 22 نوفمبر 2024 02:11 صباحاً
نشر بوساطة إبراهيم الوافي في الرياض يوم 22 - 11 - 2024
الشعراء يموتون طويلاً..!
.*
الشتاءُ الذي لا يطيلُ البقاءَ.. امتهانٌ لليلِ احتياجْ...!
فوق حزنِ الزجاجْ..
كانَ في بيتنا شمعتانِ.. وأنفاس أمي.. وبعض الدمى
عفّرتها (وفاء) بجوع الطفولةْ...!
في الصباح المؤجّل..
كنّا معاً والحمام على سور جيراننا...
قلتُ.... هذي أصابعها في يدي.. فروة الصبحِ أنثى..
سأدخلها.. علنا نتقاسم هذا الهديلْ..
مدّ ظلّ الضحى ساعدي ومضى بالحمامِ وجيراننا
وبقيتُ وحيدًا كأنفاسنا.. شمعتان وأمي..
وكفُّ وفاء المعفَّر من بعدهم بالدمى وحداد الطفولةْ..
*
منذ زمن وسمائي لا تنتظر المطر حين تحمل الغيم...!
ولهذا وحده ورثت الرمل وآمنت أن السحاب لا يُنقصُ البحرَ حين يصعدُ إلى السماء، ولن يُعْذِبَه حين يعود إليه مطرًا..!
لا يكون الوقت إلا من فراق.. فعقارب الساعة لا تلتقي إلا لتفترق مجدداً، ولهذا بتّ أكثر تفهّمًا لامرأة تمتهن الشاعر لتزعم انتصاراتها في حروب القصائد التي لم تكن، لولا أن القلوب التي لا تشبهها لم تدرك بعد أن الشموع التي تضيء تحترق دون خطيئة، وأن الليل الذي ينتظر الصباح سيجففها على شمعدانه دون أن تلسعه جمرة الضوء..!
آخر المدن التي لا ترسمها الخرائط امرأة تحسن إعادة التواريخ، واستعادة الزمن نكاية بالرواة، وتصديقًا للذنب..!
*
نائماً في فراشِ الحقيقةِ.. منذ سعالٍ طويلْ..!
من حولِهِ..
تتحلق أشياؤه.. بدخان السجائر..
كان يمشِّط أحلامه.. ويطيل بأنفاسه..
ويسافر بين خرائط أيامه.. مثل ذنب ثقيل..!
في وسادته ندبةٌ..
وعلى جفنه رقصاتُ الدموع التي أغرقتْ نفسها، فتملح فيها يتابع أخباره بالصحافة.. يقرأ:
(كان يحب النساء.. يصفق جمهوره خلسة
ويطيل البكاء على نفسه كلما مات في قلبه المستحيل..!
حينما تشرق الشمس.. يبصر فيها صراع الكواكب.. يغلق نافذة الأمنيات ويغفو
قليلاً..!
يجادل ما يدرك الآخرون.. يعلل ما ليس يفهمه الأصدقاء.. ويكره أحزانهم حين يبكون.. يهرب من صمته للكلام النبيل..!)
*
حاضر كالحنينْ..
يسوِّف ميقاته بالنبوءات..
يجمع ألوان عينيه من حفلات الشوارع..
يستنشق الحزن من رئة العابرين..!
مطلق كالسجين..!
يحمل الخبز للطير.. تنسج منه العناكب بيت الغواية..
يغفو قليلاً..
يحاول أن يتهجَّى الضحى بانحسار الظلال
ويبحث عن زمن لا يحين..!
مولع بالنهايات..
ينكب فوق فتات الحكايا..
ويشعل شمعته في فم الريح.. يترك فوق الحصير ندوباً..
وفوق السرير ذنوباً.. وفي شفتيه كلام حزين..!
*
غائب كالضمير..
يموت وحيداً..
يعيد الكلام.. هويته كالرماد.. مواسمه طلعها في الهزيع الأخير..!
كممر صغير...
تعرِّش في بابه كرْمةٌ.. وتحيط به طرقات المدينة..
يدخله القادمون من الليل.. يحكم إغلاقه النور
يعبره كل ذنب كبير...!
ينام طويلاً.. ويصحو يفكر.. يخرج للناس:
(يا قوم مأواكم الجوع والخوف بئس المصير..!
سأوقد ناراً.. سأرسو على البحر.. أرصف بعض السحاب
أمد يدي لأصافح أنثى...
وأكتب عن مطر لا يؤوب.. وعن شاعر لا يتوبُ
وعن وطنٍ من حريرْ..)
*
تحسَّس ناراً..
رأى بين غابات نهر العيون.. نخيلاً كظيماً...
رأى عزلةً في السماء عن الأرض.. حين اهتدى..!
إذن.. لا هدى..!
سيترك من بعده هدنة للكلام.. وخارطة للتذكر...
متسعاً للصدى...!
ثم تحمله صفحة لا تواريخ فيها..
وتعربه جملة لا محل لها..
حيثما تتدخل (إنَّ).. فترفع أخبارَه
حين تنصب من موته المبتدا)..!