هل تردع إدانة قاصرين بالحبس النافذ سلوكات التحرش في شوارع المغرب؟
أثار الحكم الصادر في حق 4 قاصرين بمدينة طنجة موجة من الردود المتباينة، حيث رأى بعض المتتبعين أن إدانة أطفال قاصرين بثلاث سنوات حبسا نافذا تعد حكما “قاسيا”، فيما رأى فيه آخرون حكما “عادلا” يليق بالجريمة التي اقترفها هؤلاء الأطفال في حق شابة في الشارع العام بالمدينة السياحية.
وتعود تفاصيل القضية إلى الصيف الماضي، حيث أظهر فيديو مصور تم تداوله على نطاق واسع في مواقع التواصل الاجتماعي مجموعة من القاصرين يتحرشون بشكل جماعي بشابة ترتدي فستانا قصيرا بأحد شوارع مدينة طنجة أمام أنظار المارة، إذ بلغ بهم الأمر حد لمسها ومحاولة رفع التنورة القصيرة لإظهار مناطق حساسة من جسدها.
الفيديو القصير لاقى استنكارا واسعا من طرف المغاربة والمنظمات الحقوقية المعنية بالدفاع عن حقوق المرأة؛ ما دفع القضاء إلى الدخول على الخط ومتابعة القاصرين الموقوفين بتهمة “هتك عرض أنثى بالعنف”، قضى القاضي المكلف بالقضية بمعاقبتهم 3 سنوات نافذة، أدخلت عائلاتهم وذويهم في حالة من الصدمة بعد سماع الحكم الذي لم يكونوا ينتظرون أن يكون بهذا الشكل.
كلثوم غبري، الناشطة الحقوقية بمدينة طنجة، اعتبرت، في تصريح لجريدة هسبريس الإلكترونية، أن الحكم الصادر في حق الأطفال القاصرين الأربعة “مستحق”، مؤكدة أن الفعل الذي ارتكبوه “يستحق الردع، والقرار القضائي جاء بناء على حيثيات ووقائع حية”.
وسجلت الناشطة الحقوقية، في تصريح لهسبريس، أن أركان “جريمة هتك العرض واضحة بدت للمحكمة؛ لأن هناك لمس باليد وإخلالا علنيا بالحياء العام أمام المارة، بل هناك فيديو متوفر يبين الفعل المرتكب ويوثق للجريمة”.
وأفادت غبري بأن الحكم، الذي وصفته عائلات الأطفال القاصرين بـ”الجائر”، ‘ليس جائرا؛ وهو حكم قضائي في محله، وهؤلاء القاصرون يستحقون هذه العقوبة، لأنهم مسوا بالقيم الأخلاقية داخل المجتمع والسلوكيات التي اقترفوها تمس بكرامة النساء”.
وعبرت المتحدثة ذاتها عن أملها في أن يردع الحكم الصادر القاصرين في الشارع العام ويدفع الأطفال إلى “مراجعة سلوكياتهم”، واستدركت “صحيح هؤلاء قاصرون ينبغي أن نحميهم؛ لكن تشديد العقوبة ينبغي أن يكون، ونحمّل المسؤولية للأسرة”، مشددت على أهمية تضافر الجهود من أجل تبني مقاربة وقائية وحمائية لتغيير العقليات وطرق التفكير لمواجهة ظاهرة التحرش في الفضاء العام.
من جهته، أكد محمد الطيب بوشيبة، المنسق الوطني لجمعية “ماتقيسش ولدي” المقيم بطنجة، أن الأطفال المدانين في هذه القضية هم مجرد ضحايا لشبكات وعصابات التسول المقنع، إما الأسر أو من يسترزقون من ورائهم.
وأضاف بوشيبة، ضمن تصريح لجريدة هسبريس الإلكترونية، أن الأطفال القاصرين الأربعة تورطوا في هذه الواقعة وهم يجهلون ما فعلوا؛ لأنهم يعتقدون أنهم يمارسون “حقهم في اللعب بالآخرين وبمشاعرهم في الشارع العام لأنهم حرموا من حقهم في الدراسة واللعب”.
وشدد الفاعل الحقوقي ذاته على أن المحاسب ينبغي أن يكون هو “الأم والأب، وليس الأطفال؛ لأن عقابهم هو إيداعهم في مركز حماية الطفولة بطنجة، والذي مع الأسف تم إغلاقه منذ سنوات”.
وأشار بوشيبة إلى أن الحكم “ليس عاديا؛ لأن هؤلاء الأطفال حرموا من الدراسة وحقهم في اللعب ويتم استغلالهم في بيع “الورد” أو “مناديل الورق”؛ وهو شيء يندى له الجبين”، مؤكدا أن ما قاموا به “نوع من التمرد على النظام العام ويحسبونه لعب”؛ مردفا أن “الردع عبر الأحكام القضائية غير كاف؛ بل هناك حاجة إلى حملة توعوية وتحسيسية بمخاطر التحرش على المجتمع والنظام العام وتأطير الأطفال والشباب وتربيتهم على احترام الحقوق والحريات”.