في المؤتمر الثالث للملكية الفكرية بالمغرب.. قلق بين شركات التكنولوجيا بسبب سرقات حقوق الملكية الفكرية
1.7 ترليون دولار خسائر الغش التجاري وقرصنة حقوق الملكية الفكرية في العالم
طالبت جمعية الإمارات للملكية الفكرية برئاسة اللواء عبدالقدوس عبدالرزاق العبيدلي، بضرورة تطوير قوانين الملكية الفكرية لمواكبة الذكاء الاصطناعي وقدمت توصيات لتعزيز حماية الحقوق الرقمية وتطوير التشريعات.
جاء ذلك أثناء مشاركة الجمعية، في المؤتمر الثالث الذي عقد بدولة المغرب تحت عنوان "الملكية الفكرية والذكاء الاصطناعي"، والذي عُقد بمشاركة المنظمة العربية للتنمية الإدارية التابعة لجامعة الدول العربية، وجامعة الحسن الثاني بالمغرب وكلية العلوم القانونية والاقتصادية والاجتماعية بالمحمدية، وعدد من الجامعات في المملكة المغربية والمؤسسات العربية، بما في ذلك الجامعة المصرية اليابانية للعلوم والتكنولوجيا وبالتنسيق مع المنظمة العالمية للملكية الفكرية (الويبو) و المنظمة الدولية للشرطة الجنائية (الإنتربول).
حماية الملكية الفكرية في عصر الذكاء الاصطناعي
استهدف المؤتمر مناقشة قضايا حماية الملكية الفكرية في ظل التطورات المتسارعة لتقنيات الذكاء الاصطناعي، وذلك وسط مشاركة عربية ودولية غير مسبوقة، حيث شارك فيه 46 خبيرا ومتخصصا من 12 دولة، ناقشوا على مدى يومين تحديات الملكية الفكرية في سياق الذكاء الاصطناعي، مع حضور خبراء من مؤسسات عربية ودوليه وبدعم من منظمة التجارة الخارجية اليابانية في دبي (JETRO).
شهد المؤتمر عقد 8 جلسات علمية عُرض خلالها 30 بحثا وورقة عمل، إلى جانب ستة لقاءات علمية مصغرة، تميزت بنقاشات تفاعلية حيث تبادل الحاضرون الخبرات والتجارب الناجحة على الصعيدين العربي والدولي.
وعلى هامش المؤتمر، تم تنظيم جلسات علمية وورش عمل شارك فيها طلاب الدراسات العليا من الجامعات المغربية، ما أتاح لهم فرصة للتفاعل مع الخبراء واكتساب خبرات جديدة تعزز مسيرتهم الأكاديمية والبحثية.
وأشار الدكتور ناصر القحطاني، المدير العام للمنظمة العربية للتنمية الإدارية التابعة لجامعة الدول العربية، إلى أن المؤتمر يمثل منصة هامة لمناقشة التطورات التكنولوجية التي يشهدها العالم اليوم، خاصة في مجال الذكاء الاصطناعي وتأثيره على حقوق الملكية الفكرية. ومن ثم ضرورة مراجعة التشريعات الدولية والوطنية لضمان التوازن بين الإبتكار وحماية الحقوق الفكرية، مشيرا إلى أهمية هذه المبادرة في تحقيق تفاعل معرفي بنّاء بين الخبراء من مختلف الدول العربية.
فيما أكد الدكتور عبد الرحمن المعيني، الوكيل المساعد لقطاع الملكية الفكرية في وزارة الاقتصاد بدولة الإمارات العربية المتحدة، على دور الإمارات في دعم الابتكار وحماية الملكية الفكرية، مستعرضا الجهود المبذولة لتعزيز التشريعات وتنفيذ مبادرات مثل "Univation" لدعم الجامعات، ومناقشا التحديات المستقبلية التي تفرضها تقنيات الذكاء الاصطناعي على حقوق الملكية الفكرية.
وتناول المستشار طارق الخياط الحمادي، قاضي بمحكمة التمييز بدبي، نطاق وأسس الحماية القانونية للملكية الفكرية الناشئة عن برامج الذكاء الاصطناعي واستغلال المعطيات، ما يضيف بُعدًا قانونيًا هامًا للنقاشات حول حماية الابتكارات التكنولوجية الحديثة.
واستعرض اللواء أحمد عتيق المقعودي، مدير مكتب نائب رئيس الشرطة والأمن العام بشرطة دبي، تجربة مركز ضاحي خلفان للملكية الفكرية، مسلطا الضوء على الجهود التي تبذلها دولة الإمارات في هذا المجال الحيوي.
كما أكد اللواء الدكتور عبد القدوس العبيدلي، مساعد القائد العام لشرطة دبي لشئون التميز والريادة ورئيس جمعية الإمارات للملكية الفكرية، أن "مشاركتنا في هذا المؤتمر تعكس التزام الجمعية بدعم الجهود العربية المشتركة لتعزيز حماية حقوق الملكية الفكرية في ظل التحولات الرقمية المتسارعة".
وأوضح أن هذا الحدث يمثل فرصة ثمينة لمشاركة الأفكار في مؤتمر يعكس تحديات العصر، معتبرا التقدم التكنولوجي المتسارع محركا رئيسيا للتكاتف والعمل كدول عربية لإيجاد حلول تضمن حماية حقوق الملكية الفكرية وتعزز من مكانتنا في مجال الابتكار.
وأكد العبيدلي أن التعاون العربي بات ضرورة ملحة لضمان تكامل الجهود والتشريعات، بما يسهم في مواكبة التطورات العالمية وحماية إبداعنا ومكتسباتنا.
وذكر أن تقرير المنظمة العالمية للملكية الفكرية أعلن تسجيل أكثر من 3.5 مليون براءة اختراع على مستوى العالم في عام 2022، وهو رقم قياسي يعكس تنامي لابتكارات التكنولوجية والحاجة إلى حماية حقوق الملكية الفكرية، مشيرا الى تقرير التنافسية العالمية لعام 2023 حيث أظهر أن (66%) من الشركات العاملة في مجال التكنولوجيا تشعر بالقلق إزاء التهديدات المتعلقة بسرقة الملكية الفكرية.
1.7 تريليون دولار سنوية
وطالب العبيدلي، بضرورة العمل المشترك بين الدول والمنظمات الدولية لضمان وضع أطر قانونية وتشريعية شاملة تعزز من حماية الحقوق وتواكب التطورات التكنولوجية، لافتا إلى أن تقرير منظمة التجارة العالمية، قدّر خسائر الاقتصاد العالمي الناتجة عن الغش التجاري والقرصنة بحوالي 1.7 تريليون دولار سنويًا.
وصف اللواء عبد القدوس العبيدلي، التحديات المتعلقة بحماية حقوق الملكية الفكرية في تلك الحقبة بالمعقدة، وأن استحداث الذكاء الاصطناعي في عملية الإبتكار والإبداع يطرح أسئلة جوهرية حول مفهوم "المؤلف" و"المبدع" والتحديات القانونية المرتبطة بتعريف وإسناد الحقوق، مؤكدا في السياق ذاته التزام جمعية الإمارات للملكية الفكرية بالعمل على تعزيز التعاون المشترك والسعي، إلى نشر الوعي بأهمية حماية الملكية الفكرية في ظل المتغيرات الراهنة.
وقال إن دولة الإمارات اتخذت خطوات حثيثة لتطوير التشريعات وتطبيق أفضل الممارسات العالمية في مجال حماية الملكية الفكرية، وهو ما مكنها من تربع المركز الأول عربيًا في حماية الملكية الفكرية للعام الثامن على التوالي، مع تعزيز ترتيبها في مؤشر الابتكار العالمي بعد أن جاءت في المركز الـ 32 على مستوى العالم في عام 2023، مما يدل على الجهود المبذولة في هذا الاتجاه.
وشدد العبيدلي، على أهمية وضرورة مواجهة الجرائم المتعلقة بالملكية الفكرية الناتجة عن استغلال التكنولوجيا الحديثة، معتبرا أنها مسؤولية جماعية تستدعي تضافر الجهود بين القطاعين العام والخاص، وبين الدول والمنظمات الدولية، ومن خلال تطوير استراتيجيات وقوانين فعالة، والعمل على بناء قدرات إنفاذ حقوق الملكية الفكرية في جميع المجالات.
توصيات لمواجهة تحديات الملكية الفكرية
وأوصى المشاركون بضرورة تطوير الاتفاقيات الدولية والتشريعات الوطنية لتعزيز حماية الأعمال الناتجة عن الذكاء الاصطناعي، بما يتضمن حفظ حقوق الأفراد وحماية البيانات الشخصية لمستخدمي تقنيات الذكاء الاصطناعي، إلى جانب تحديد الشخصية القانونية لهذه التقنية ووضع معايير أخلاقية لاستخدامها.
وجرى التأكيد كذلك على ضرورة تنظيم ورش عمل وبرامج تدريبية للباحثين والقضاة والمحامين، لتعريفهم بالتحديات الجديدة التي تفرضها التكنولوجيا الرقمية على الملكية الفكرية.
كما أوصى المؤتمر بتعزيز الإبتكار في الجامعات ومراكز الأبحاث العربية من خلال توفير منح بحثية لدعم الأبحاث المتقدمة في مجالات الذكاء الاصطناعي والملكية الفكرية، وتطوير آليات فعالة لحل النزاعات المرتبطة بالابتكارات المدعومة بالذكاء الاصطناعي، إلى جانب تحديث الأنظمة القضائية لتواكب المستجدات في هذا المجال، وتعديل قوانين العمل لتشمل الإعتراف بمساهمات الأجراء الذين يستخدمون أدوات الذكاء الاصطناعي في ابتكاراتهم، مع إضافة بنود صريحة ضمن عقود العمل، خصوصاً في القطاعات التي تعتمد على هذه التقنية، لتوضيح حقوق الأجراء في الابتكارات الناتجة وآليات توزيع الأرباح..
واقترح المشاركون في المؤتمر إنشاء صندوق تعويضات يمول من الشركات التي تعتمد الذكاء الاصطناعي، لضمان مكافآت إضافية للأجراء الذين يساهمون في تحقيق أرباح كبيرة للشركات عبر ابتكاراتهم.