"بيجيدي" يقترح "إحياء صندوق مساندة فلسطين" وينتقد شرعنة "ألعاب الحظ"
في أبرز تعديلاته المقدَّمة على مشروع “قانون المالية 2025″، بالموازاة مع مسطرة المناقشة التفصيلية بمجلس النواب، نادى حزب العدالة والتنمية بإدراج تعديل يهمّ “نصرة قضايا الأمة”، من خلال “تحويل رصيد ‘صندوق مساندة المغرب للشعب الفلسطيني’ في نهاية شهر يناير من كل سنة إلى وكالة بيت مال القدس الشريف، لتمكينها من اعتمادات مالية تُمول بها برامج ومشاريع في مختلف القطاعات بالقدس الشريف، بالنظر إلى مهامّها في الحفاظ على التراث الديني والحضاري للقدس الشريف وحماية الحقوق العربية والإسلامية في المدينة المقدسة وتعزيز صمود أهلها”.
جاء ذلك على لسان عبد الله بووانو، رئيس المجموعة النيابية للعدالة والتنمية، متحدثاً خلال ندوة صحافية نظمَها الحزب اليوم بمقره المركزي بالرباط، حول مشروع القانون المالي للسنة المالية المقبلة، مبرزا أن “الظرفية الحالية لاستمرار حرب الإبادة الإسرائيلية على غزة تستدعي إحياء هذا الصندوق الذي سبق أن أقرته ميزانية المغرب في زمن الملك الراحل الحسن الثاني”.
بووانو شدد خلال حديثه على “أولويات مفقودة” في مشروع مالية 2025؛ أبرزها “إشكالية الماء التي تضمنها خطاب الملك في ذكرى عيد العرش”، ثم “إجراءات ملموسة لدعم التشغيل وتحفيزه”، فضلا عن “عدم الإشارة إلى تدابير إصلاح التقاعد ومحاربة الفساد وتخليق الحياة العامة”، وكذا “كيفية تفعيل القانون الإطار لإصلاح المؤسسات العمومية”.
كما انتقد “البيجيدي”، في قراءته لمشروع مالية العام المقبل، “شرعنة مكاسب وأرباح ألعاب الحظ والقمار”، مشددا على أن الأمر “غير دستوري بحكم أنه يعارض ما ينص عليه الدستور حول التنشئة السليمة للأسر المغربية التي دمرتها هذه الآفة”.
وبلغت التعديلات المقدمة من طرف المجموعة النيابية للعدالة والتنمية على مشروع قانون المالية 2025 127 تعديلا، تهمّ مجالات “احترام الدستور والقانون” (18 تعديلا)، و”تحسين الدخل للفئات المتوسطة ودعم القدرة الشرائية” (31 تعديلا)؛ فيما اقترح 13 تعديلا تهم “العناية بالبيئة والطاقات المتجددة”، مقابل 11 تعديلا للحفاظ على الصحة العمومية، فضلا عن “حماية المنتج الوطني” (8 تعديلات).
أما مسألة “تحفيز التشغيل” فأشار رئيس المجموعة النيابية للعدالة والتنمية إلى أنه ضمَّنها 15 تعديلاً، لافتا إلى أن “خارطة طريق النهوض بالتشغيل التي تقترحها الحكومة مازالت غير واضحة المعالم من حيث الإجراءات والتدابير العملية والملموسة، ولم نجدْ لها حضوراً مباشراً في أولويات وتوجهات مشروع مالية 2025″، وزاد: “كما نسجل خطورة انتهاء وتوقّف برنامجيْ ‘فرصة’ و’أوراش’ المحدثين بين سنتي 2022 و2023، وكذا برنامج ‘أنا مقاول’ المحدث في يونيو 2023”.
تحفيز التشغيل ودعم القدرة الشرائية
في هذا الإطار استعرض بووانو إجراءات “تحفيز التشغيل”، عبر اقتراح “تخفيف العبء الضريبي عن الجمعيات، على اعتبار أنها تؤدي باقي التكاليف الضريبية المحددة وفق مقتضيات المدونة العامة للضرائب”، داعياً إلى أن “يتم تنزيل التزام الحكومة المعلن أثناء إطلاق الإستراتيجية الوطنية للرقمنة باعتماد إجراءات تحفيزية لفائدة المقاولات المشتغلة في المجال الرقمي من أجل خلق 240 ألف منصب”.
كما لفت المتحدث إلى أهمية “زيادة 300 مليون درهم في إيرادات حوادث الشغل لضمان اعتمادات التعويض عن حوادث الشغل”، مقترحا في الإطار الجبائي “تحسين الدخل للفئات المتوسطة ودعم القدرة الشرائية”، عبر إقرار “حذف المعاشات والإيرادات العمرية من لائحة الدخول التي تطبق عليها الضريبة على الدخل، وتعديل الضريبية على الدخل بما يضمن إقرار عدالة جبائية وتوازن في توزيع الأعباء الضريبية وتقليل الفوارق الاقتصادية بين الفئات العاملة، مع الرفع من الخصم على الأعباء العائلية لتحسين القدرة الشرائية للأسر المغربية”.
ويقترح الحزب المصطف في المعارضة أن تشمل إجراءات تحسين الدخل “تمكين المستفيدين من صندوق الحماية الاجتماعية والتماسك الاجتماعي من الجمع بين الاستفادة من البرامج المعتمدة”، وكذا “تخصيص دعم مالي في حدود 20% من المبالغ المخصصة في إطار صندوق التنمية القروية والمناطق الجبلية من أجل دعم صغار الفلاحين وتوسيع الطبقة المتوسطة منهم”؛ كما نادى بضرورة “الرفع من الحد الأدنى للمعاشات لكي لا يقل عن الحد الأدنى للأجور لحفظ كرامة هذه الشريحة الاجتماعية بعد مسار وظيفي طويل”، مشددا على أهمية أن يتم “تشجيع الشباب المتزوجين حديثاً على اقتناء سكن رئيسي بقرض سكن بدون فائدة من أجل تشجيع الزواج وبناء أسرة”.
“العناية بمغاربة العالم” حظيَت بـ3 تعديلات قدمتها مجموعة “البيجيدي”، معتبرة أن ورش “النزاهة والشفافية” وتخليق الحياة العامة مازال في حاجة إلى إرادة وتحرك حكوميَيْن قويَيْن، موصيا بـ10 تعديلات في هذا الصدد.
إقرار العدالة الضريبية
حديث بووانو خلال “ندوة مشروع مالية 2025” لم يخلُ من انتقادات قوية كالها لـ”عدم جدّية الحكومة في محاربة الفساد والإثراء غير المشروع وتخليق الحياة العامة”، داعياً إياها إلى “إقرار مبدأ العدالة الضريبية بإدراج شركات المحروقات والاتصالات والإسمنت، التي تتواجد في وضعية احتكارية وتُزاول أنشطة مقننة أو في وضعية احتكار القلة، ضمن سعر 40% للشركات”.
وفي شق تعزيز النزاهة والشفافية يقترح نواب “البيجيدي” تطبيق “فرض ضريبة استثنائية على الشركات التي تحقق أرباحا استثنائية انسجاماً مع توصية مجلس المنافسة، وعلى غرار تجارب دول مجاورة”، مع “إرجاء المساهمة الإبرائية على الدخول إلى غاية 31 ديسمبر 2025”.
وركزت أبرز التعديلات المقدمة على “حماية المنتج الوطني” على “ضمان الأمن السيادي الوطني بحماية الصناعة المحلية للأدوية وحذف الإجراء الذي اعتمدته الحكومة بخفض رسوم الاستيراد على أدوية تصنع محليا”؛ كما نادت بـ”حذف المقتضى الوارد في قانون المالية لسنة 2024 المتعلق بتخفيض نسبة الاستيراد من 40% إلى 30% على جميع المنتجات الخاضعة لرسم الاستيراد بنسبة %40”.
الموارد والمديونية
من خلال عرض مفصل أكد إدريس الأزمي الإدريسي، رئيس المجلس الوطني للحزب، أن “الحكومة الحالية تراهن عبر مشروع قانون المالية 2025 على استمرار الاعتداد بالتطور الكبير للموارد الجبائية خلال السنوات الماضية؛ وهو تطور لا يمكن أن يبقى دائما ويطرح إشكالية استدامة المالية العمومية مع رفع نفقات التسيير بـ15 في المائة”.
وقال الأزمي: “هناك معطيات تروج ينبغي أن تُصحح كادعاء التحكم في عجز الميزانية وتوازنات المالية العمومية بالموازاة مع الأوراش الاجتماعية، والانتباه إلى خطورة الاعتماد على الاقتراض الخارجي والمديونية، خاصة أن بلادنا مُقبلة على التزامات مستقبلية كبرى تهم الاستثمار في بنيات تحتية للتظاهرات الرياضية الكبرى”، واصفا ذلك بـ”تضخم الالتزامات المستقبلية وتحدي استدامة المالية العمومية”.
وأضاف المتحدث ذاته أن “الحكومة تكتفي بتصريحات وتعهدات في حديثها عن التشغيل في غياب إجراءات حقيقية، مع إمعانها في سياسة مناهضة ومعاكسة للمنتج الوطني الصناعي والفلاحي والدوائي”؛ كما أثار “تجاهل وإنكار الإشكاليات التي يعرفها تنزيل ورش الحماية الاجتماعية”، معتبرا أن “الارتباك يسُود تنزيل الإصلاحات الهيكلية: إعلان نوايا دون إرادة حقيقية، وتفاصيل المقاصة، التقاعد، النقابات، مدونة الشغل…”.