مستثمرون مغاربة وإسبان يبحثون تطوير سلسلة صناعة وتسويق اللحوم الحمراء
بمقر غرفة التجارة والصناعة والخدمات لجهة الرباط -سلا- القنيطرة، نُظم لقاء رفيع المستوى بين رواد الأعمال وممثلي الحكومتَين المغربية والإسبانية حول آفاق تطوير سلسلة “اللحوم الحمراء”، صناعة وتسويقا؛ بشكل يعزز التعاون الاقتصادي والتجاري بين البلدين، خصوصا في مجال إنتاج وتسويق وتوريد اللحوم الحمراء، لا سيما منها الطازجة.
ويأتي هذا اللقاء الذي تتخلله “لقاءات ثنائية للأعمال بين مستثمرين مغاربة ونظرائهم الإسبان، وفق المنظمين، “وعيا من الغرفة المهنية الجهوية بإشكالية اللحوم الحمراء، وتماشيا مع أهداف الحكومة المغربية الرامية إلى تنويع العرض في السوق والتحكم في الأسعار والتخفيف من استنزاف القطيع المحلي الذي تضرر جزئيا بسبب سنوات الجفاف المتتالية. كما أن اللقاء يندرج “في إطار المهام التمثيلية والترويجية للغرفة سالفة الذكر بهدف تنمية العلاقات الاقتصادية وتطوير الشراكة والتبادلات التجارية بين إسبانيا والمغرب، من خلال نسج اتفاقية ثنائية تسمح بتصدير اللحوم الإسبانية الحمراء نحو المغرب”.
وعرف اللقاء، الذي حضرته جريدة هسبريس، مشاركة ممثل عن القسم الاقتصادي للسفارة الإسبانية بالرباط وممثلة القسم الفلاحي لكاتالونيا، إضافة إلى فاعلين اقتصاديين رائدين في قطاع اللحوم الاسبانية؛ أبرزهم رئيس “الجمعية الوطنية لمقاولات اللحوم بإسبانيا” (ANAFRIC)، إلى جانب الشركات الرئيسية في قطاعي الأغنام والأبقار من كتالونيا.
تطوير سلسلة اللحوم الحمراء
حسن صاخي، رئيس غرفة التجارة والصناعة والخدمات لجهة الرباط، أكد “أهمية اللقاء عبر الأثر الإيجابي في توطيد العلاقات المتميزة بين المغرب وإسبانيا”، مُثمنا “حضور الوفد الإسباني المكوَّن من رواد أعمال مقاولين وممثلي الحكومة للمشاركة من أجل تدارس ومناقشة سبل تعزيز وتقوية العلاقات التجارية بين الفاعلين الاقتصاديين لبلدينا في قطاع صناعة اللحوم الحمراء”.
وأكد صاخي، في كلمة افتتاحية، أن “الغرفة تستضيف الفاعلين الإسبان للتشاور وتبادل الآراء والأفكار حول سبل تطوير العلاقات الثنائية التي تجمع بلدينا الشقيقيْن، بعدما تم تعزيزها والرقي بها خلال السنوات الأخيرة في جميع المجالات السياسية والاقتصادية والتجارية”، آمِلا “تطويرها في قطاعات حيوية كصناعة اللحوم الحمراء، التي تكتسي أهمية بالغة لبلدينا اللّذين يتوفران على مؤهلات وإمكانات مهمة في هذا المجال وجب استغلالها واستثمارها بشكل أمثل لخلق الثروات وفرص الشغل”.
وأبرز المسؤول المغربي أن “الفاعلين والمهنيين المغاربة الحاضرين اليوم للمشاركة يتوخَّوْن ابتكار آليات ووسائل لتأهيل وتحديث قطاع اللحوم بالمغرب وتطوير سلسلة صناعة المواد المرتبطة به، ليلعب دورا أساسيا ومحوريا في التنمية الاقتصادية والاجتماعية”، مشددا على أن “سلسلة اللحوم الحمراء بالمغرب تكتسي أهمية كبيرة على أصعدة اقتصادية وغذائية واجتماعية، إذ تساهم في تلبية احتياجات المستهلك وخلق قيمة مضافة وفرص للشغل. كما أن هذه السلسلة تلعب دورا أساسيا في تزويد قطاع الصناعة باللحوم الحمراء والصناعة التقليدية بالمواد الخام”.
“المؤهلات التي يتميز بها قطاع اللحوم الحمراء، سواء من الناحية الغذائية أو الصناعية، تُؤهله إلى أن يصبح قطبا استثماريا جذابا بامتياز وجب تنميته وتطويره وتقويته من خلال تشجيع الاستثمار في جميع سلاسله بشراكة مع رجال الأعمال الإسبانيين بغية تزويد أسواق البلدين والاستجابة لحاجيات المستهلكين وتنمية التبادل التجاري البيْني”، قال المتحدث بحضور الوفد الإسباني.
وحسب رئيسها، فإن “الغرفة تُسهم في تأهيل وعصرنة قطاع اللحوم بجميع سلاسِلِه، من خلال الاتفاقيات التجارية التي سيتم إبرامها بين الفاعلين الاقتصاديين”، خاتما بالدعوة إلى “التعريف بهذه المؤهلات الثنائية في مجال اللحوم الحمراء من خلال تنظيم ملتقيات ومعارض قطاعية ولقاءات منتظمة وكذا التفكير في خلق آلية للتشاور والحوار بين المستثمرين لتطوير صناعة اللحوم”.
“دبلوماسية اقتصادية”
من جهته، تحدث لحسن حداد، المستشار البرلماني نائب رئيس مجلس المستشارين، عن دور حاسم باتت تلعبه “الدبلوماسية الاقتصادية”، مبرزا أن “كاتالونيا ومناطق أخرى إسبانية، خصوصا فالنسيا، تتمتع ببنيات تحتية لوجستية مهمة في المجال الفلاحي وسلسلة تربية المواشي خصوصا”.
وشدد حداد على دعم “البرلمان المغربي للعمل بين الشركاء المغاربة ونظرائهم الإسبان، خاصة عبر الترافع البرلماني عن التسهيلات الجمركية بمناسبة مناقشة قانون المالية، وجعل اللحوم الحمراء بأسعار تنافسية، رغم وجود إشكاليات لوجستية تُطرح بخصوص تخزين وسلسلة التبريد بالنسبة للموردين المغاربة”.
واعتبر البرلماني المغربي اللقاءات الثنائية بين مهنيي اللحوم الإسبان وبين نظرائهم المغاربة “فرصة لبحث حلول مستديمة نرجو بلوغها بخصوص المجازر وسلسلة التبريد وظروف التخزين”، مؤكدا: “نرحب بهذه الشراكة مع الأصدقاء الإسبان، ونريد لها أن تتطور بشكل أكبر ونقوم بكل ما هو ممكن لإنجاحها”.
كما حضَرَ اللقاء ذاته المدير الجهوي للمكتب الوطني للسلامة الصحية للمنتجات الغذائية (أونسا)، الذي شرَح للمشاركين كيفية “تطبيق مساطر المراقبة من لدن مصالح بيطرية في المعابر المينائية البرية على الخصوص وفق شروط محددة في دفاتر التحملات (شهادة الأضحية والذبح الحلال وظروف النقل)”.
وأبرز المدير الجهوي لـ”أونسا” بجهة الرباط، الذي تدخَّل ممثلا للسلطات الحكومية المغربية المختصة، أنه “بعد استيرادها، يتم توجيه اللحوم إلى الأماكن المرخصة للتخزين وفق ظروف حاولنا تيسيرها وتسهيلها لمواكبة وتيرة التعاون في هذه السلسلة”.
“المغرب سوق واعدة”
أليكس دريج، مدير منطقة التصدير في شركة “بوناريا” الإسبانية، قال إن “المشاركين يمثلون المُنتجين والمُصنّعين ومُربّي الماشية الإسبانيين، فضلا عن الموزعين”، مبرزا آفاق “تطوير أعمال جديدة في التصدير عبر محاولة تحسين سوق اللحوم الحلال؛ وهذا أمر مثير للاهتمام، خصوصا في السوق المغربية”.
وأكد الفاعل الإسباني ذاته، في تصريح لهسبريس، أن “حضورنا لهذه الاجتماعات ينطلق من اعتقادنا أن المغرب هو البلد الذي يجب أن يكون لدينا معه المزيد من أوجه التعاون في مجال الأعمال التجارية؛ نظرا للقُرب والثقافة والكثير من الأشياء المشترك.، وأعتقد أنها فرصة كبيرة للتعرف والالتقاء بالمستوردين الجدد، والفرصة الكبيرة التي تمنحُها لنا الحكومة مهمة جدا لتطوير سلسلة اللحوم الحلال في المغرب”.
كما أبرز أن “المغرب سوق جديدة لجميع المُنتجين في إسبانيا سابقا؛ ما يمنحهم فرصا واعدة”، لأنه “لم يكن من الممكن التصدير هنا سابقا بسبب الضرائب. والآن، نحن نعتقد أن السوق المحلية هي سوق كبيرة لمنتجات الأبقار والأغنام والمنتجات الحلال.. وبإمكاننا أن نطور أكثر إمكانيات التعاون لمصلحتَي البلدين”.
وفق إفادات سعيد الرتبي البالي، فاعل مغربي مالك شركة في قطاع سلسلة اللحوم الحلال بإسبانيا، تحدث إلى هسبريس على هامش اللقاء، “فإن هذا اللقاء جد مهم؛ لأنه يجمع بين المهنيين المغاربة والمهنيين الإسبانيين الذي يشكلون 90 في المائة من مهنيي لحوم الخروف و70 في المائة من الإنتاج في صنف الأبقار”، مؤكدا أهميته البالغة للشركات المغربية لاستغلاله في توطيد العلاقات وفتح المجال لاستيراد اللحوم من بلد صديق وقريب جغرافيا عبر نقل بأقل تكلفة وجودة ممتازة للحوم الإسبانية”.
وقال الفاعل المغربي إن “استيراد الحيوانات الحية لا يؤدي إلى انخفاض أسعار اللحوم الحمراء المباعة في السوق، وهو ما يتيح لاستيراد اللحوم الحمراء مذبوحة أن يساهم بشكل كبير في انخفاض الأسعار وفتح مجال المنافسة، خصوصا أنها لحوم طازجة وليست في معظمها مجمدة”.
يشار إلى أن برنامج الوفد الإسباني بالرباط يتضمن، فضلا عن اجتماعات ثنائية بين ممثلي قطاع الأعمال والسلطات من كلا البلدين، “التوقيع الرمزي على نوايا التعاون”، مع “زيارات للمؤسسات ذات الصلة في قطاع اللحوم والصناعات الغذائية المغربية”.