يوم ملقا
نعرض لكم زوارنا أهم وأحدث الأخبار فى المقال الاتي:
يوم ملقا, اليوم الخميس 14 نوفمبر 2024 12:14 صباحاً
نشر بوساطة هناء حجازي في الرياض يوم 14 - 11 - 2024
ملقا المدينة الإسبانية التي حكمها العرب ثمانية قرون، حين تبحث عن كيفية كتابة الاسم بالعربية تجد له أكثر من طريقة وأنا اخترت هذه.
للتو عدت من رحلة بحرية مدتها عشرة أيام، كنا كل يوم أو يومين نرسو في ميناء إحدى مدن المتوسط، ولأني في سفينة إيطالية، تدور في محيط أوروبا، كان أغلب السياح عليها من مختلف الدول الأوروبية، والذين يتحدثون الإنجليزية أقلية، بالتالي وجدت أن كل الرحلات التي حجزتها مع الشركة تم إلغاؤها لعدم وجود عدد كاف ممن يتحدثون اللغة للقيام بالرحلة، كنت أقوم بالرحلات إذن وحدي وبطريقتي، لكن يوم ملقا كان مختلفا، لأنني خرجت فيه مع زوجين يابانيين، الزوج بروفيسور لغويات يعمل كإعارة لمدة سنة في بلجيكا، والزوجة موظفة متقاعدة، كان يوما بديعا ممتعا جدا، لأننا أخذنا الباص السياحي وقررنا أن نتوقف في المكان الذي نشعر أننا نريد أن نراه أكثر من غيره، وهكذا قررنا أن نزور قلعة جبل الفارو، وقصر القصبة، وبعدها المتحف، بالنسبة لي كنت سعيدة بخياراتهما، لأنني أنا العربية، كنت أزور مكانا يمثل معنى يعرفه فقط أصحاب الحضارات التي انتهت، وأنا أزور المكان وأقرأ عنه، أتذكر كل الحوارات التي جرت مع العرب الذين يرفضون أن هناك حضارة عربية إسلامية كانت قائمة في يوم من الأيام، بالرغم من التاريخ، بالرغم مما نعرف من التاريخ، بالرغم من الآثار، لكن، ليس ذلك مهما، وأنا أتجول في المكان، بالرغم أني أشعر بحنين لا أعرف له معنى، هل يحق لي أن أفخر بماض صنعه أجداد بعيدون، أم أشعر بالخجل لما آل إليه الحال؟.
قلعة مهيبة وشاسعة، بنيت من أجل قصر مهيب وشاسع، وبعيدا عن التفكير في الماضي البعيد، قررت أن أملأ قلبي بالجمال الذي غرسناه في يوم من الأيام، بدون أن أفخر بالماضي، فقط، أن أكون ممتنة لأن هذه الجينات التي صنعت هذا الجمال موجودة داخلي، وتجرني القراءة في التاريخ إلى البحث عن معنى مفردة القصبة ولماذا استعملت في ذلك الوقت للقصور المحصنة، وهل لازالت تستخدم بهذا المعنى.
أخذنا الوقت ونحن ندور في الحصن والقصر، وقررنا أن نغادر دون أن ننتهي لأننا محكومين بوقت الباخرة التي ستغادر إن قررنا زيارة كل ركن في القصر.
آخر محطة كانت متحف بيكاسو، لا أستطيع أن أتحدث عن بيكاسو ومتحفه في جملتين، ولم أستطع أن أملأ روحي بالجمال في أربعين دقيقة كانت كل ما نملك من وقت.
يوم ملقا كان يوما رائعا على الرغم من أني لم أزر كل ما أردت زيارته، لا بد من العودة إلى الأندلس، ليس للبكاء على الأطلال ولكن للامتلاء من الجمال.