ورقة بحثية تناقش تأثير الفتاوى الدينية في حركات المقاومة الفلسطينية
ورقة بحثية تناقش تأثير الفتاوى الدينية في حركات المقاومة الفلسطينية
لندن- خاص
أصدر مركز رصد للدراسات السياسية والاستراتيجية في العاصمة البريطانية لندن ورقة بحثية جديدة تناولت تأثير الفتاوى الدينية في الحركات الفلسطينية (نموذج فتوى الدكتور سلمان الداية ضد حماس).
تطرقت الورقة إلى إصدار الدكتور الداية فتوى تنتقد ما جرى في السابع من أكتوبر، حيث صرح الداية، العميد السابق لكلية الشريعة والقانون في الجامعة الإسلامية، بأنه في حال عدم توفر أركان الجهاد أو أسبابه أو شروطه، فيجب الامتناع عنه لتجنب هلاك الأرواح، مشيراً إلى أن هذا التقدير ممكن للساسة في فلسطين؛ لذا، كان يجب تفادي هجوم السابع من أكتوبر أو ما يعرف بعملية طوفان الأقصى.
في بداية الورقة، أوضحت أن هذه الفتوى تمثل نقداً محرجاً للقائمين على عملية طوفان الأقصى، وهو ما أكدته بعض التحليلات الحكومية في لندن، كهيئة الإذاعة البريطانية (BBC)، التي صرحت بذلك علانية.
تشير الورقة إلى دقة فتوى الداية، إذ سلطت الضوء على أن فصائل المقاومة كثيراً ما تبرر هجماتها على إسرائيل بدوافع دينية لحشد دعم المجتمعات العربية والإسلامية، مما يجعل فتوى الدكتور الداية مؤثرة بشكل خاص.
كما أشارت الورقة إلى مكانة الدكتور الداية بين الفلسطينيين، حيث يحظى باحترام واسع، مما يمنح فتواه أهمية بين سكان قطاع غزة البالغ عددهم حوالي مليوني نسمة.
تناولت الورقة انتقاد الفتوى النادر والقوي من شخصية دينية مرموقة ضد العمليات المسلحة التي تقودها حركة حماس، بحجة أن هذه الهجمات تخالف مبادئ الإسلام وشروط الجهاد، مؤكدًا على ضرورة التزام القادة بحماية المدنيين وتجنب جرّهم إلى ردود فعل انتقامية واسعة.
كما لفت تقرير هيئة الإذاعة البريطانية إلى أن فتوى الداية أثارت نقاشًا متزايدًا داخل غزة والعالم العربي حول تأثير هذه الهجمات على القضية الفلسطينية ومسار المقاومة، مشيراً إلى أن الفتوى قد تؤدي إلى إعادة النظر لدى الفلسطينيين بشأن خياراتهم المستقبلية.
تناولت الورقة أيضًا عدة محاور لتحليل الفتوى، من ضمنها خلفية الفتوى والسياق السياسي. وقد ركزت على أحداث 7 أكتوبر وتداعياتها، التي تضمنت استشهاد آلاف المدنيين الفلسطينيين وتدمير البنية التحتية في غزة. كما ناقشت الورقة تاريخ الفتاوى الإسلامية في الصراعات وتفسير الدكتور الداية لمفهوم "الجهاد"، محذرًا من العواقب التي قد تنجم عن عدم الالتزام بشروطه.
ثم تطرقت الورقة إلى مضمون الفتوى وأسباب الإدانة، حيث ناقش الداية، في وثيقة مؤلفة من ست صفحات، أن هجمات حماس لم تراع مبادئ الجهاد الإسلامي، ومنها حماية المدنيين، وتجنب ردود الفعل المدمرة، وتوفير الاحتياجات الأساسية للسكان من طعام وعلاج وأمن. واستشهد بآيات قرآنية وأحاديث نبوية تدعو إلى حماية حياة البشر وتجنب الاستفزازات غير الضرورية.
وبحثت الورقة في تأثير الفتوى على الشعب الفلسطيني، مشيرة إلى أن تأثير هذه الفتوى قد يكون لحظة محورية قد تدعو الفلسطينيين لإعادة النظر في دعمهم لحماس، والتفكير في مسار بديل للعيش بسلام، بعيداً عن الصراعات المتكررة. كما دعت الفتوى إلى تفادي أساليب المقاومة العنيفة، والعمل على تقديم حلول تضمن استقرارًا ورفاهية أكبر للفلسطينيين.
وتوصلت الورقة في تحليلها إلى أن فتوى الدكتور الداية زادت من حدة النقاش الداخلي في غزة والمنطقة العربية حول تبعات أعمال المقاومة، مرجحةً أن تؤدي إلى المزيد من الانقسامات داخل المجتمع الفلسطيني حول استخدام المقاومة المسلحة في الصراع المستمر مع إسرائيل.
وأشارت الورقة إلى ردود الفعل المحلية والدولية وتداعياتها المستقبلية بشأن الفتاوى الدينية التي قد لا تخدم مصلحة حماس، مشيرة إلى أن الفتوى أثارت جدلًا كبيرًا في الأوساط السياسية والدينية، وقد تؤدي إلى توسيع دائرة النقاش حول شرعية المقاومة المسلحة ووسائلها. ويبدو أن فتوى الدكتور الداية قد تزيد من الانقسام الداخلي، إذ تمثل دعوته للسلام توجهًا معاكسًا لتوجهات حماس، وقد تشجع أصواتًا تطالب بتغييرات جوهرية في كيفية معالجة القضية الفلسطينية.
وفي الفصل قبل الأخير، أوضحت الورقة أن الاحتلال بالطبع يعتبر دافعًا واضحًا لقيام العديد من الفلسطينيين بعمليات المقاومة، إلا أن فتوى الداية تمثل تحولًا لافتًا قد لا تكون فلسطين شهدت مثله منذ عملية طوفان الأقصى.
في ختام الورقة، أوصت بضرورة استثمار الشعب الفلسطيني لهذه الفتوى لدعم مسار سياسي أكثر سلمًا واستقرارًا، وحث الشخصيات الدينية الأخرى على المساهمة في تعزيز خطاب السلام والأمن في حياة الفلسطينيين، والعمل الجاد لبناء حياة مستقرة في ظل المعاناة المستمرة للشعب الفلسطيني على مدى عقود.
انتهى