امتيازات ضريبية وشراكات عسكرية تدعم تحقيق المغرب للسيادة الدفاعية

امتيازات ضريبية وشراكات عسكرية تدعم تحقيق المغرب للسيادة الدفاعية
امتيازات ضريبية وشراكات عسكرية تدعم تحقيق المغرب للسيادة الدفاعية

يسير المغرب بخطوات متسارعة نحو تعزيز قدراته الدفاعية، ليس فقط من خلال تنويع شركائه العسكريين والانفتاح على مختلف مصنعي الأسلحة العالميين، وإنما أيضا من خلال سعيه إلى توطين صناعة الدفاع عبر توفير الأطر القانونية اللازمة لذلك، كالقانون رقم 10.20 المتعلق بعتاد وتجهيزات الدفاع، ثم المرسوم رقم 2.24.966 القاضي بتحديد قائمة الأنشطة المزاولة من طرف الشركات الصناعية للاستفادة من الإعفاء المؤقت من الضريبة المنصوص عليها في المادة 6 من المدونة العامة للضرائب.

يهدف هذا المرسوم، الذي قدمه الوزير المنتدب لدى رئيس الحكومة المكلف بإدارة الدفاع الوطني، نيابة عن الوزير المنتدب لدى وزيرة الاقتصاد والمالية المكلف بالميزانية، إلى “تمتيع صناعة عتاد وتجهيزات الدفاع والأمن والأسلحة والذخيرة بالإعفاء المؤقت من الضريبة على الشركات المنصوص عليه في المادة 6 من المدونة العامة للضرائب، وذلك بإدراجها ضمن لائحة الأنشطة المزاولة من طرف الشركات الصناعية المستفيدة من هذا الامتياز الجبائي”.

يشكل إخراج هذا المرسوم جزءا من رؤية استراتيجية تهدف من خلالها المملكة إلى تحقيق استقلاليتها وسيادتها الدفاعية من خلال جذب رؤوس الأموال الأجنبية للاستثمار في قطاع التصنيع الحربي، مستفيدة في مسعاها لتحقيق هذا الطموح من شبكة علاقات التعاون العسكري التي كونتها مع مجموعة من الشركات والدول الرائدة في صناعة الدفاع في العالم، على غرار الولايات المتحدة الأمريكية والبرازيل وإسرائيل وفرنسا والصين وتركيا، ثم رومانيا التي وقع رئيسها كلاوس يوهانس، الأربعاء الماضي، مرسوما بإصدار قانون التصديق على الاتفاقية المبرمة مع المغرب في فبراير الماضي، المتعلقة بالتعاون العسكري والتقني بين البلدين.

قاعدة صناعية وطموح مغربي

في هذا الإطار، أورد عبد الرحمان مكاوي، خبير في الشؤون العسكرية، أن “قرار إعفاء الصناعات الدفاعية من الضريبة وتمتيع صناعة عتاد وتجهيزات الدفاع والأمن والأسلحة والذخيرة بالإعفاء المؤقت من الضريبة على الشركات المنصوص عليها في المدونة العامة للضرائب، سيشكل دفعة قوية لهذه الصناعات الدفاعية التي تخطو خطواتها الأولى في المغرب الذي يراهن على إقامة قطب صناعي دفاعي محلي”.

وأضاف مكاوي، متحدثا إلى هسبريس، أن “تمتيع الصناعات العسكرية بهذا الامتياز الضريبي سيساهم في جذب العديد من المستثمرين الأجانب وكبريات شركات الدفاع في العالم للاستثمار في المغرب، وهو ما سيشكل أيضا نقلة نوعية في مسار سعي البلد لتحقيق الاكتفاء الذاتي وسيادته الدفاعية فيما يتعلق بالمعدات العسكرية الثقيلة والقطع العسكرية المتطورة التي يستنزف شراؤها من الخارج موارد كبيرة من موازنة الدولة السنوية”.

وتابع قائلا: “هذا الأمر ستكون له أيضا انعكاسات اقتصادية ومالية واجتماعية إيجابية، نظرا للفرص الوظيفية التي ستخلقها هذه الصناعات”، مشيرا إلى أن “المغرب يتوفر على مجموعة من البنى الصناعية المدنية المتطورة، خاصة ما يتعلق بصناعة الطيران والسيارات، والتي يمكن للصناعة العسكرية أن تستفيد منها ومن كوادرها البشرية وخبراتها التقنية واللوجستية”.

وخلص مكاوي إلى أن “توطين الصناعة الدفاعية وتقليل الاعتماد على استيراد العتاد من الخارج هو طموح مغربي مشروع، وضعت المملكة أسسه القانونية الأولى من خلال إصدار القانون رقم 10.20 المتعلق بالعتاد وتجهيزات الدفاع والأمن والأسلحة والذخيرة. واليوم، تراهن البلاد من خلال هذا الإعفاء الضريبي على البحث عن شراكات مع صناع الأسلحة الكبار في العالم ومع الدول التي ترتبط معها باتفاقيات للتعاون العسكري من أجل نقل تكنولوجيا الدفاع إلى المغرب وبناء قاعدة صناعية دفاعية مغربية خالصة”.

منظومة دفاعية وموقع تنافسي

من جانبه، قال هشام معتضد، باحث في الشؤون الاستراتيجية، إن “خطوة الإعفاء الضريبي للصناعات الدفاعية تأتي كجزء من رؤية استراتيجية تهدف إلى تعزيز وتوطين قاعدة الصناعات الدفاعية في المغرب. فمن الناحية السياسية، يعكس هذا القرار حرص المغرب على تحقيق استقلالية أكبر في قطاع حيوي يساهم في تعزيز سيادته الوطنية، ذلك أن الاستثمار في الصناعات الدفاعية يتجاوز كونه مجرد مسألة اقتصادية ليصبح ركيزة أساسية لتحقيق الأمن القومي والجاهزية الاستراتيجية”.

وأوضح معتضد أن “الإعفاء الضريبي يعد حافزا لجذب الاستثمارات المحلية والدولية في هذا المجال، مما يسهم في خلق منظومة صناعية متكاملة توفر فرص عمل وتدعم الاقتصاد الوطني. كما أن تشجيع هذه الصناعات يقلل من الاعتماد على الواردات الدفاعية، مما يسهم في تقليل العجز التجاري ويوجه الموارد المالية نحو تطوير تقنيات دفاعية محلية متقدمة”، مشيرا إلى أن “هذا القرار يمثل خطوة محورية لتعزيز الابتكار ونقل المعرفة التكنولوجية إلى المغرب، مما يضعه في موقع تنافسي إقليمي ودولي”.

وتابع المصرح لهسبريس بأن “هذه الخطوة تمثل أيضا أرضية خصبة لتطوير شراكات استراتيجية مع الدول الرائدة في هذا القطاع، فهي تعزز جاذبية المغرب كشريك موثوق به لاستضافة مشاريع مشتركة في التصنيع الدفاعي، مما يدعم مبادرات نقل التكنولوجيا والتدريب الفني، إذ يشجع هذا الانفتاح الاستراتيجي الدول الرائدة عسكريا على إقامة مصانع ومراكز بحث وتطوير داخل المغرب”.

وبين أن “هذا التوجه يدعم بناء منظومة دفاعية متطورة قادرة على تلبية احتياجات القوات المسلحة الملكية وتعزيز قدراتها التكنولوجية، كما يوفر فرصة لتطوير أسلحة ومنظومات دفاعية متخصصة بالتعاون مع الدول الشريكة، مما يعزز القوة العسكرية للمغرب ويعزز مكانته الجيو-سياسية”، مضيفا أن “هذه الشراكات تعد أيضا وسيلة فعالة لتوسيع شبكة العلاقات الدولية للمغرب، خاصة في مجالات التعاون الأمني والتكنولوجي”.

وأشار معتضد إلى أن “الإعفاء الضريبي يوفر من الناحية الاستراتيجية مرونة مالية للشركات، مما يسمح لها بتركيز استثماراتها على الابتكار ونقل التكنولوجيا”، مشددا في الوقت ذاته على أن “هذا الإجراء يسهم على المدى الطويل في خلق سلسلة توريد متكاملة تشمل الشركات الصغيرة والمتوسطة التي تزود الصناعات الدفاعية بالمكونات والمواد، وهذا التكامل الصناعي يعزز من تنافسية المغرب ويجعله مركزا إقليميا لتصنيع المعدات الدفاعية، مما يدعم تطلعاته ليصبح لاعبا محوريا في الأمن الإقليمي والدولي”.

قد تقرأ أيضا