هل تشهد صناعة الأسمنت ثورة خضراء عبر احتجاز الكربون وتخزينه؟ (تقرير)

هل تشهد صناعة الأسمنت ثورة خضراء عبر احتجاز الكربون وتخزينه؟ (تقرير)
هل تشهد صناعة الأسمنت ثورة خضراء عبر احتجاز الكربون وتخزينه؟ (تقرير)

اقرأ في هذا المقال

  • قطاع الأسمنت مسؤول عن 7% من انبعاثات الكربون عالميًا
  • احتجاز الكربون الوسيلة الأمثل لمصانع الأسمنت القريبة من المواني
  • الهيدروجين الأخضر قد يُسهم في دعم التحول بصناعة الأسمنت
  • حرق الكتلة الحيوية إلى جانب الفحم قد يخفّض انبعاثات الصناعة

تُشكّل صناعة الأسمنت أحد أبرز مصادر انبعاثات ثاني أكسيد الكربون في العالم، مع مساعٍ كبيرة لتقليل أثرها في تغيّر المناخ، ويمكن أن تؤدي التقنيات المبتكرة دورًا مهمًا في إحداث ثورة خضراء بهذا القطاع.

ويمثّل القطاع 7% من انبعاثات الكربون في العالم، وهي النسبة نفسها لروسيا رابع أكبر دولة تطلق انبعاثات في العالم بعد الصين والولايات المتحدة والهند، بحسب تقرير اطّلعت عليه وحدة أبحاث الطاقة (مقرّها واشنطن).

وتشكّل عمليات التحويل الكيميائي للمواد الخام في صناعة الأسمنت نحو 60% من إجمالي انبعاثات الصناعة، التي لا يوجد حلول علمية حتى الآن لتلافيها.

أما باقي الانبعاثات فتأتي جراء درجات الحرارة المرتفعة (ما يقرب من 1450 درجة مئوية)، التي يتطلبها إنتاج الأسمنت، ويجري الوصول إليها عادة عن طريق حرق الفحم أو النفايات البلاستيكية.

وهناك العديد من التقنيات لتقليل انبعاثات إنتاج الأسمنت على رأسها احتجاز الكربون وتخزينه، لكنها تواجه تحديًا بأنها ليست متاحة بصورة فعالة في كل المصانع.

احتجاز الكربون في صناعة الأسمنت

ينتج العالم أكثر من 4 مليارات طن سنويًا من الأسمنت من 4 آلاف مصنع، الذي يُسهم في تصنيع 30 مليار طن من الخرسانة، بحسب تقرير نشره بنك الاستثمار الهولندي آي إن جي.

وتتوقع وكالة الطاقة الدولية، أن يرتفع إنتاج الأسمنت بنسبة 17% بحلول عام 2050 في ظل سيناريو السياسات الحالية، أما في سيناريو الحياد الكربوني الأكثر تفاؤلًا، فإن مستويات الإنتاج ستظل قريبة من الوضع الحالي.

مصنع لإنتاج الأسمنت في الدنمارك
مصنع لإنتاج الأسمنت في الدنمارك - الصورة من موقع Aalborg Portland

لذا فإن نشر تقنية احتجاز الكربون وتخزينه أمر حتمي، خاصة في ظل عدم توفر تقنيات جديدة يمكنها تقليل انبعاثات العملية الكيميائية بصناعة الأسمنت.

وحال تنفيذ تقنية احتجاز الكربون وتخزينه بصورة واسعة، فإن انبعاثات الأسمنت قد تنخفض بنحو 85%، في حين ستزيد تكلفة الإنتاج بنسبة 10% فقط، وهو ما يمثّل إنجازًا كبيرًا للبيئة، بحسب تقديرات رصدتها وحدة أبحاث الطاقة.

بعض مصانع الأسمنت تواجه صعوبات

قد لا يشكّل احتجاز الكربون وتخزينه في صناعة الأسمنت حلًا عمليًا لكل المصانع بسبب اختلاف مواقعها.

فعلى سبيل المثال، وجود المصانع في مناطق ساحلية يخفّض من تكلفة نقل الكربون إلى مواقع التخزين مثلما الأمر في العديد من المصانع بالقارة الأوروبية، لأن ذلك يتيح بسهولة الاعتماد على النقل البحري، الذي يتمتع بتكلفة زهيدة.

في المقابل، تواجه باقي المصانع التي تقع بعيدًا عن التجمعات الصناعية أو لا يتوافر بالقرب منها موانٍ أو خطوط أنابيب صعوبات أكبر في نقل الكربون، وغالبًا ستضطر إلى استعمال شاحنات خلال عملية النقل، وهو ما يعني تكاليف وانبعاثات الكربون أكبر.

وتتراوح تكلفة احتجاز طن واحد من الكربون الناتج عن صناعة الأسمنت ونقله وتخزينه من 50 إلى 100 يورو (54 دولارًا إلى 108 دولارات أميركية)، وتختلف التكلفة بحسب موقع المصنع من خطوط الأنابيب والمواني.

تغيير مصادر الطاقة

يمثّل الاعتماد على الهيدروجين الأخضر بصفته وقودًا لتشغيل مصانع الأسمنت وسيلة أخرى لإحداث الثورة الخضراء في صناعة الأسمنت.

ومن الناحية النظرية، يمكن لهذا الوقود أن يحل محل الفحم والنفايات البلاستكية بصفته مصدرًا لتوليد الحرارة المرتفعة التي تحتاج إليها الصناعة، ما قد يقلل من انبعاثات الأسمنت الإجمالية بمقدار الثلث.

مصنع لإنتاج الهيدروجين الأخضر
مصنع لإنتاج الهيدروجين الأخضر - الصورة من موقع بينسبين

ومع ذلك، هناك تحديات كبيرة أمام استعمال الهيدروجين الأخضر في صناعة الأسمنت، على رأسها تكلفة الإنتاج التي من المتوقع أن ترتفع للضعف حال تبني هذه التقنية.

كما أنه -حتى الآن- لا تتوافر الكمية المناسبة من الهيدروجين الأخضر لتلبية متطلبات الطاقة الهائلة في هذه الصناعة، لذا قد يكون خيارًا مفضلًا لقطاعات أخرى مثل صناعة الصلب والشحن والطيران، التي من المرجح أن تدفع أسعارًا أعلى للحصول عليه.

حلول أخرى لدعم التحول في صناعة الأسمنت

لم تتغيّر عملية تصنيع الأسمنت تقريبًا منذ أن جرى تطويرها لأول مرة باستثناء زيادة كفاءة الطاقة، إذ حققت أفران مصانع الأسمنت التقليدية تحسنًا فيها بما يزيد على 60%.

ومن غير المرجح أن تحقق الأفران مزيدًا من النجاحات في المستقبل، لذا يمكن تبني حلول أخرى تعمل على استغلال أفضل للحرارة المستهلكة في تلك الصناعة، والاستفادة من الكميات المتبقية في عمليات صناعية أخرى، أو تدفئة المنازل عبر شبكات مخصصة لذلك.

ومن بين الوسائل الأخرى لتقليل الانبعاثات في صناعة الأسمنت، استعمال كمية أقل من "الكلنكر" -مكون أساس في مصانع الأسمنت-، عبر استبداله جزئيًا بمواد أخرى، مثل الرماد المتطاير من محطات توليد الكهرباء بالفحم ومخلفات أفران الصهر في صناعة الصلب حال قربها من المصانع.

إلى جانب الفحم والنفايات، يمكن دمج أنواع أخرى من الوقود لتوليد الحرارة في صناعة الأسمنت، ومن بينها استعمال الكتلة الحيوية، وهي مصدر مستدام، ولكنه غير كافٍ وحده لتوليد الطاقة اللازمة لعمليات التصنيع.

ورغم كل هذه الخيارات، ما تزال تقنية احتجاز الكربون وتخزينه هي الأوفر حظًا حتى الآن في خفض انبعاثات قطاع الأسمنت.

موضوعات متعلقة..

اقرأ أيضًا..

إشترك في النشرة البريدية ليصلك أهم أخبار الطاقة.

قد تقرأ أيضا