توقف الغاز الروسي إلى النمسا يضعها بمنعطف حرج.. ماذا بعد؟ (مقال)
اقرأ في هذا المقال
- • جهود النمسا لتنويع مصادر الطاقة اكتسبت زخمًا على مدى العامين الماضيين.
- • القدرة العالية لتخزين الغاز في النمسا تجنبها المخاطر المباشرة المرتبطة بتوقف إمدادات غازبروم.
- • النمسا تهدف إلى تحقيق 100% من الكهرباء المتجددة بحلول عام 2030.
- • روسيا تستعمل الطاقة كسلاح لزعزعة استقرار الاقتصادات الأوروبية واختبار تضامن الاتحاد الأوروبي.
بعد توقف الغاز الروسي إلى النمسا، بقرار من شركة "غازبروم" المملوكة للدولة في روسيا، يبدو أن سياسة الطاقة في الدولة الأوروبية تمر بمرحلة حاسمة.
وأوقفت غازبروم جميع عمليات تسليم الغاز الطبيعي إلى النمسا، بداية من يوم 16 نوفمبر/تشرين الثاني الجاري (2024)، في الساعة السادسة صباحًا، لتنهي بهذه الخطوة علاقة امتدت أكثر من 5 عقود في مجال استيراد الغاز الطبيعي.
ووضع هذا القرار حدًا للاعتماد على صادرات الغاز الروسي إلى النمسا بشكل كبير، وأبرز التوظيف الإستراتيجي للطاقة بصفتها سلاحًا جيوسياسيًا من قبل روسيا.
ووصفت وزيرة الطاقة النمساوية ليونور غويسلر، قرار وقف الغاز الروسي إلى النمسا بأنه صدر في لحظة حررت بلادها من الابتزاز، مؤكدة نقاط الضعف والتعقيدات المرتبطة بالتحول إلى استقلال الطاقة.
من ناحية ثانية، لم يكن وقف الإمدادات طوعيًا تمامًا لدى النمسا؛ بسبب الاعتماد طويل الأمد على روسيا من خلال معاهدة وُقِّعت في عام 2018، وصُممت لضمان الإمدادات حتى عام 2040.
ويتناول هذا التحليل الشامل اعتماد النمسا التاريخي على الغاز الروسي، والخطوات المتخذة لتنويع مصادر الطاقة، والآثار الجيوسياسية الأوسع لهذا التحول.
الاعتماد على صادرات الغاز الروسي إلى النمسا
بدأت علاقة الطاقة بين النمسا وروسيا في عام 1968؛ ما جعلها أول دولة في أوروبا الغربية توقع اتفاقية للغاز الطبيعي مع الاتحاد السوفيتي.
وكانت هذه الشراكة مفيدة إستراتيجيًا؛ إذ ضمنت إمدادات طاقة مستقرة للنمسا وكرّست البلاد مركز عبور مهمًا للغاز الروسي إلى أوروبا.
في المقابل، أصبح مركز بومغارتن على الحدود الشرقية للنمسا منطقة حيوية في البنية التحتية للطاقة بأوروبا؛ إذ يتعامل مع كميات كبيرة من الغاز الروسي الموجه إلى الأسواق الغربية.
وبحلول وقت توقيع المعاهدة في عام 2018، عززت النمسا اعتمادها على الطاقة الروسية، ووافقت على عقد توريد طويل الأجل مع شركة غازبروم.
ويمتد سريان مفعول هذا الاتفاق حتى عام 2040، مؤكدًا الاعتماد على صادرات الغاز الروسي إلى النمسا، للاستهلاك المحلي وإعادة التصدير.
وبحلول عام 2024، شكّلت الواردات الروسية أكثر من 80% من إجمالي إمدادات الغاز في النمسا، مع ذروة بلغت 98% في أواخر عام 2023.
وأصبح هذا الاعتماد غير قابل للاستمرار مع تصاعد التوترات الجيوسياسية في أعقاب غزو روسيا لأوكرانيا في عام 2022.
وقد حفز الغزو إعادة تقييم سياسة الطاقة في الدولة الأوروبية، لكن التحول بعيدًا عن الغاز الروسي إلى النمسا لم يكُن فوريًا ولا مباشرًا.
وفي الوقت نفسه، أدى الحياد التاريخي للنمسا وروابطها الاقتصادية مع روسيا إلى تأخير اتخاذ إجراءات حاسمة؛ ما جعل البلاد عرضة لصدمات الأسعار وانقطاع الإمدادات.
بدورها، أجبرت التطورات الجيوسياسية النمسا على إعادة النظر في إستراتيجية الطاقة لديها، وإن كان ذلك تحت ضغط خارجي كبير.
إستراتيجيات وتحديات تنويع مصادر الطاقة
على الرغم من بدايتها البطيئة، اكتسبت جهود النمسا لتنويع مصادر الطاقة زخمًا على مدى العامين الماضيين. وتتلقّى شركة أو إم في النمساوية OMV حاليًا ما يقرب من 5 تيراواط/ساعة شهريًا (نحو 500 مليون متر مكعب/شهريًا) من الغاز أو 60 تيراواط/ساعة سنويًا (نحو 6 مليارات متر مكعب/سنويًا) من الغاز من شركة غازبروم.
وقدّرت الشركة النمساوية حجم الغاز "المفقود" بنحو 7400 ميغاواط/ساعة، وهو ما يعادل 17.2 مليون متر مكعب يوميًا، أو 516-533 مليون متر مكعب شهريًا.
وانصبّ الاهتمام الفوري على تأمين إمدادات غاز بديلة لتحل محل الكميات الضخمة المستوردة سابقًا من روسيا. برز الغاز الطبيعي النرويجي بديلًا رئيسًا، مع زيادة النمسا للواردات عبر خطوط الأنابيب الأوروبية القائمة.
وأصبح الغاز المسال جزءًا لا يتجزأ من إستراتيجية النمسا، مع إبرام العقود من خلال هولندا وألمانيا. بالإضافة إلى ذلك، ووفر خط أنابيب عبر البحر الأدرياتيكي (تاب) (TAP)، الذي ينقل الغاز من أذربيجان إلى إيطاليا، طريقًا آخر للإمدادات غير الروسية.
على صعيد آخر، أدّت مرافق تخزين الغاز دورًا مهمًا في ضمان أمن الطاقة في النمسا، وبحلول نوفمبر/تشرين الثاني 2024، وصلت مستويات التخزين النمساوية إلى 93%، أي ما يعادل 9.2 مليار متر مكعب، وهو ما يكفي لتغطية الاستهلاك المحلي لعدة أشهر.
وخفّفت هذه القدرة التخزينية العالية، جنبًا إلى جنب مع آليات التضامن في الاتحاد الأوروبي، من المخاطر المباشرة المرتبطة بتوقف إمدادات غازبروم.
وأكدت الاستثمارات طويلة الأجل في مشروعات مثل حقل الغاز البحري نيبتون ديب في رومانيا التزام النمسا بتقليل اعتمادها على الغاز الروسي.
ومن المتوقع أن يبدأ حقل نيبتون ديب الإنتاج في عام 2027، وأن يسلم ما يصل إلى 10 مليارات متر مكعب من الغاز الطبيعي سنويًا، ما يساهم بشكل كبير في جهود تنويع مصادر الطاقة في النمسا.
في الوقت نفسه، سرّعت النمسا مبادراتها في مجال الطاقة المتجددة، مع التركيز على طاقة الرياح والطاقة الشمسية والهيدروجين الأخضر لتقليل استهلاك الغاز بشكل عام والتوافق مع أهداف المناخ في الاتحاد الأوروبي.
وانطوت هذه التدابير على التحديات، وتطلبت عملية التنويع استثمارات مالية ضخمة، وكثيرًا ما تجاوزت تكلفة مصادر الغاز البديلة تكلفة الإمدادات الروسية.
وقد أدى هذا إلى ارتفاع أسعار الطاقة بالنسبة للمستهلكين والصناعات، الأمر الذي أثقل كاهل الاقتصاد النمساوي أثناء فترة التحول.
وتصاعدت حدة المناقشات السياسية مع انتقاد أحزاب المعارضة للحكومة بسبب تأخيرها وانعدام كفاءتها.
وتتضمن إستراتيجية النمسا طويلة الأجل ما يلي:
مشروع نيبتون ديب: استثمار شركة أو إم في في حقل نيبتون ديب للغاز البحري في رومانيا، الذي من المتوقع أن ينتج ما يصل إلى 10 مليارات متر مكعب سنويًا بدءًا من عام 2027.
توسعة الطاقة المتجددة: حصلت مشروعات الرياح والطاقة الشمسية على تمويل متسارع، ما قلل من الاعتماد الكلي على الوقود الأحفوري.
وتهدف النمسا إلى تحقيق 100% من الكهرباء المتجددة بحلول عام 2030.
مبادرات الهيدروجين: هناك مشروعات تجريبية في إنتاج الهيدروجين الأخضر، بهدف استبدال الغاز الطبيعي في التطبيقات الصناعية.
الحسابات الإستراتيجية لشركة غازبروم
كان وقف إمدادات الغاز من جانب شركة غازبروم الروسية مرتبطًا ظاهريًا بحكم تحكيمي منح شركة أو إم في النمساوية 230 مليون يورو كتعويضات عن عمليات التسليم غير المنتظمة في عام 2022.
واُعتبرت هذه الخطوة، على نطاق واسع، مناورة جيوسياسية مدروسة.
ومن المرجح أن لا تعترف شركة غازبروم بقرار دفع التعويض، حيث مُنعت شركة الإنتاج والاستخراج أو إم في إكسبلوريشن آند برودكشن OMV Exploration & Production، التابعة لشركة أو إم في، من متابعة التقاضي في الخارج من خلال محكمة التحكيم في مدينة سانت بطرسبرغ ومنطقة لينينغراد.
نتيجة لذلك، سيتم النظر إلى تعويض المشتري النمساوي على أنه رفض للدفع، ما ينبغي أن يؤدي إلى وقف الإمدادات.
ومن خلال وقف الإمدادات، سعت شركة غازبروم إلى تأكيد هيمنتها والانتقام من النمسا بسبب إجراءاتها القانونية والمالية.
وعكس هذا القرار إستراتيجية روسيا الأوسع نطاقًا المتمثلة في استعمال الطاقة كسلاح لزعزعة استقرار الاقتصادات الأوروبية واختبار تضامن الاتحاد الأوروبي.
وتزامن انسحاب غازبروم مع انتهاء اتفاقيات العبور بين روسيا وأوكرانيا، التي سهلت تسليم الغاز إلى النمسا ودول أوروبية أخرى.
وفاقم إنهاء هذه الاتفاقيات تعقيد تحول الطاقة في النمسا، حيث قطع طريق إمداد حاسم كان يضمن تاريخيًا تدفقات الغاز المستقرة.
رد النمسا
اعتمد رد النمسا على الاستعداد ومراعاة المصالح،و كانت شركة أو إم في، وهي شركة طاقة مملوكة جزئيًا للدولة، تعمل على تنويع محفظة إمداداتها منذ عام 2022، وتأمين العقود مع الموردين البدلاء وزيادة اعتمادها على مرافق التخزين المحلية والإقليمية.
وعلى الرغم من أن هذه التدابير ضمنت قدرة النمسا على تلبية احتياجاتها الفورية من الطاقة، إلا أن استقرار سلاسل التوريد على المدى الطويل ظل مصدر قلق.
لذلك، بوسع النمسا شراء الغاز من الدول المجاورة، بسعر أعلى من غاز غازبروم، التي يمكنها إعادة توجيه إمدادات الغاز جزئيًا إلى سلوفاكيا.
من جهتها، تستورد المجر حاليًا بشكل أساسي الغاز الروسي عبر "الطريق الجنوبي" - من خط أنابيب الغاز "ترك ستريم".
وسوف يستمر تدفق الغاز الروسي إلى النمسا، وستوفره سلوفاكيا أو المجر، وهو ما من شأنه أن يزيد من حجم المشتريات. ولا تحظر العقود الحالية التي أبرمتها شركة غازبروم مع المستوردين الأوروبيين إعادة التصدير.
وقد يكون إنهاء شركة غازبروم لإمدادات الغاز إلى النمسا من جانب واحد نتيجة لظروف قاهرة لم تثبت بعد في التحكيم.
في هذه الحالة، لن تعترف أي هيئة تحكيم دولية بإنهاء الإمدادات بسبب قوة قاهرة أو قوة لا يمكن التغلب عليها. وفي جميع الأحوال، قد تستمر الإجراءات القانونية بين غازبروم و"أو إم في" لعدة سنوات أخرى.
تداعيات اقتصادية وسياسية
كان لوقف إمدادات الغاز الروسي إلى تداعيات اقتصادية وسياسية كبيرة؛ فقد ارتفعت أسعار الغاز الطبيعي الفورية في أوروبا إلى 502.7 دولارًا لكل ألف متر مكعب في 15 نوفمبر/تشرين الثاني الجاري، مع توقعات بارتفاع الأسعار على المدى القصير إلى 550-570 دولارًا.
وقد فرضت هذه الزيادات في الأسعار ضغوطًا إضافية على الأسر والصناعات النمساوية، خصوصًا قطاع التصنيع، الذي يستهلك 30% من الغاز الطبيعي في البلاد.
وعلى الصعيد المحلي، أصبحت أزمة الطاقة قضية سياسية مثيرة للجدال، حيث اتهمت أحزاب المعارضة، بما في ذلك حزب الحرية النمساوي، الحكومة بعدم التصرف بحزم وتساءلت عن جدوى إستراتيجية الطاقة النمساوية على المدى الطويل.
وفاقمت المخاوف العامة بشأن ارتفاع تكاليف الطاقة وأمن الإمدادات التوترات السياسية، ما شكل تحديًا لرواية الحكومة بشأن الاستعداد والمرونة.
وكانت التداعيات الجيوسياسية الأوسع نطاقًا عميقة بنفس القدر؛ فقد أشار تحول النمسا بعيدًا عن الغاز الروسي إلى إعادة تنظيم سياستها الخارجية، ما جعلها أقرب إلى أهداف الطاقة في الاتحاد الأوروبي وأبعدها عن مجال نفوذ موسكو.
وأكد هذا التحول أهمية التضامن الأوروبي في التعامل مع التحولات في مجال الطاقة والتخفيف من المخاطر الجيوسياسية المرتبطة بالاعتماد على الأنظمة الاستبدادية.
وتشمل العواقب الاقتصادية المباشرة لتوقف الإمدادات ما يلي:
أسعار الغاز: ارتفعت أسعار الغاز الفورية الأوروبية إلى 502.7 دولارًا لكل ألف متر مكعب في 15 نوفمبر/تشرين الثاني الجاري، وهو أعلى مستوى لها منذ ما يقرب من عام.
ويتوقع المحللون ارتفاعًا مؤقتًا إلى 550-570 دولارًا قبل استقرار الأسعار.
التكاليف الصناعية: يواجه القطاع الصناعي في النمسا، الذي يستهلك 30% من إمدادات الغاز المحلية، تكاليف مدخلات أعلى، ما قد يؤثر في القدرة التنافسية.
أسعار المستهلك: تظل ضريبة تخزين الغاز البالغة 7% التي فرضتها ألمانيا على شحنات الغاز العابر قضية مثيرة للجدال، ما يزيد من فواتير الطاقة المنزلية.
وأدت أزمة إمدادات الغاز إلى تكثيف المناقشات السياسية المحلية في النمسا:
توجيه الانتقاد للحكومة: اتهمت أحزاب المعارضة، خصوصًا حزب الحرية النمساوي، الحكومة بالرضا عن الذات والتفكير قصير الأجل.
المشاعر العامة: على الرغم من أن الحكومة تؤكد استعدادها، لا تزال المخاوف العامة بشأن أمن الطاقة والقدرة على تحمل التكاليف قائمة.
التداعيات الجيوسياسية لتحول الطاقة في النمسا
تُبرز تجربة النمسا التفاعل المعقد بين سياسة الطاقة والجغرافيا السياسية في عالم يشهد المنافسة بين القوى العظمى.
ومثل توقف إمدادات الغاز الروسية خطوة حاسمة في الجهود الأوسع التي تبذلها أوروبا للاستغناء عن موسكو، وإعادة تشكيل أسواق الطاقة العالمية والتحالفات.
وبالنظر إلى تنويع أوروبا لمصادر الطاقة، يواجه الموردون التقليديون مثل روسيا تراجع النفوذ، ويكتسب اللاعبون الجدد، بما في ذلك قطر والولايات المتحدة وأستراليا، مكانة بارزة.
بالنسبة للنمسا، يؤكد تحول الطاقة على أهمية المرونة والقدرة على التكيف في خطط الطاقة.
ومن المرجح أن تشكل الدروس المستفادة من هذه التجربة السياسات المستقبلية، مع التأكيد على الحاجة إلى سلاسل توريد متنوعة، وسعة تخزين قوية، واستثمارات في الطاقة المتجددة.
وتهدف قدرة النمسا على التعامل مع هذا التحول إلى تعزيز مكانتها داخل الاتحاد الأوروبي، ومواءمة إستراتيجية الطاقة لديها مع الأهداف الأوروبية الأوسع نطاقا للاستدامة والأمن.
وعلى الصعيد العالمي، يسلط استغناء أوروبا عن الطاقة الروسية الضوء على انقسام نظام الطاقة الدولي. بدورها، تعتمد الدول الغربية، إلى حد كبير، على الموردين البدلاء والطاقة المتجددة، في حين تتجه روسيا نحو الأسواق الآسيوية، خصوصًا الصين والهند.
ويعكس هذا الاعتماد انقسامات عميقة في الجغرافيا السياسية العالمية، حيث تعمل الطاقة كمحفز ومقياس للاتجاهات الإستراتيجية الأوسع.
وتؤكد تجربة النمسا التحديات الأوسع التي يواجهها الاتحاد الأوروبي:
الاستغناء عن روسيا: لقد أدى تحرك الاتحاد الأوروبي الجماعي بعيدًا عن الطاقة الروسية إلى إعادة تشكيل أسواق الطاقة العالمية، ما أدى إلى زيادة المنافسة على الغاز المسال وتعزيز التحالفات الجديدة مع الموردين مثل قطر والولايات المتحدة وأستراليا.
تقلب السوق: أدت إعادة تشكيل سلاسل التوريد إلى ارتفاع أسعار الطاقة العالمية، حيث تواجه البلدان النامية فقرًا متزايدًا في مجال الطاقة مع تفوق أوروبا عليها في المزايدة على شحنات الغاز المسال.
ويعكس قرار غازبروم إستراتيجية موسكو الجديدة:
تنويع الإيرادات: تحولت روسيا بشكل متزايد إلى الأسواق الآسيوية، خصوصًا الصين والهند، للتعويض عن انخفاض الإيرادات الأوروبية.
نفوذ محدود: يمكن للآثار طويلة الأجل المترتبة على فقدان أوروبا كعميل رئيس لها أن تضعف النفوذ الجيوسياسي لروسيا في مجال الطاقة.
من جهة ثانية، فإن ابتعاد النمسا عن الغاز الروسي يجعلها أكثر توافقًا مع سياسات الطاقة في الاتحاد الأوروبي:
زيادة تكامل الاتحاد الأوروبي: يسلط اعتماد النمسا على التضامن الأوروبي خلال هذا التحول الضوء على فوائد التكامل الأعمق في منصات الطاقة في الاتحاد الأوروبي.
الحياد المتوازن: يتم اختبار الحياد التقليدي للنمسا مع ابتعادها عن النفوذ الروسي مع الحفاظ على موقفها الجيوسياسي الفريد.
الاستغناء عن الغاز الروسي إلى النمسا
يمثل الاستغناء عن الغاز الروسي إلى النمسا نقطة تحول في سياستها في مجال الطاقة وتوافقها الجيوسياسي.
وعلى الرغم من فرض وقف الإمدادات من الخارج، فإن استعداد النمسا وجهودها في التنويع تظهر تقدمًا كبيرًا نحو الاستقلال في مجال الطاقة.
وفي الوقت نفسه، تسلط التحديات التي واجهتها النمسا خلال هذا التحول - التي تتراوح من التكاليف الاقتصادية إلى المناقشات السياسية - الضوء على التعقيدات المترتبة على الحد من الاعتماد على مورد واحد في عالم مترابط للغاية.
وتمتد الآثار الأوسع لتجربة النمسا إلى ما هو أبعد من حدودها. ومع استمرار أوروبا في التعامل مع تداعيات أزمة أوكرانيا، تقدم قصة النمسا دروسًا قيّمة حول أهمية الاستشراف والمرونة والتعاون في معالجة تحديات أمن الطاقة.
وفي عصر يتسم بالضبابية الجيوسياسية، تؤكد رحلة النمسا على الدور الحاسم الذي تؤديه سياسة الطاقة في تشكيل مستقبل الدول والمناطق على حد سواء.
فيلينا تشاكاروفا، متخصصة في الشؤون السياسية بالدول المنتجة للطاقة.
*هذا المقال يمثّل رأي الكاتبة، ولا يعبّر بالضرورة عن رأي منصة الطاقة.
موضوعات متعلقة..
اقرأ أيضًا..