علاقة البحث العلمي بتنمية الصحراء

علاقة البحث العلمي بتنمية الصحراء
علاقة البحث العلمي بتنمية الصحراء

في خطوة تروم تعزيز الفكر العلمي والثقافي في الأقاليم الجنوبية، نظم مركز الصحراء للدراسات الإنسانية والاجتماعية، الجمعة، حفل افتتاحه الرسمي بإثارة نقاش أكاديمي تحت شعار “البحث العلمي والنموذج التنموي الجديد: رؤية استشرافية”.

الحدث العلمي الذي احتضنته دار الشباب بمحج محمد السادس، جمع نخبة من الأكاديميين والباحثين لمناقشة قضايا أساسية تتعلق بالإنسان، والتنمية، والهوية الثقافية في المنطقة، كما شكل منصة لتبادل الآراء حول أهمية تعزيز البحث العلمي كأداة رئيسية في دعم النموذج التنموي الجديد للأقاليم الجنوبية.

وحسب المنظمين، فإن اللقاء يسعى إلى نشر المعرفة والوعي الثقافي والاجتماعي في الأقاليم الجنوبية للمملكة المغربية، وتعزيز الحوار بين الأكاديميين والباحثين المحليين والدوليين، والمساهمة في رفع المستوى الفكري والثقافي للمنطقة.

ويولي مركز الصحراء للدراسات الإنسانية والاجتماعية اهتماما خاصا للقضايا الإنسانية، من خلال نشر الدراسات التي تسلط الضوء على التراث الثقافي والاجتماعي للمنطقة، فضلا عن قضايا العصر ومتطلبات الواقع المعاصر، مع الحفاظ على الموروث الثقافي والتاريخي. وعلى الصعيد الاجتماعي يهتم المركز بتوسيع آفاق التعاون بين المؤسسات الأكاديمية والمجتمع المدني، عبر تمكين الشباب والنساء من إنشاء منصات لتبادل الثقافات والمعارف بين مختلف الأطراف المعنية من داخل المغرب وخارجه.

في هذا الصدد، استهل الدكتور محمد عالي الجماني، رئيس مركز الصحراء للدراسات الإنسانية والاجتماعية، مداخلته بتسليط الضوء على أهمية موضوع “الإنسان في الرؤية القرآنية والوضعية”، مؤكدا أن “الوحي الإلهي يمثل توجيها للفكر الإنساني لتبيان حقيقة الإنسان من خلال مقاربة منهجية بنائية تكاملية بين الرؤية القرآنية والرؤية الوضعية”. واعتبر أن “هذه الرؤية تُشكل أرضية لكل القضايا الكبرى المتعلقة بالإنسان، من قبيل حقوق الإنسان، التنمية البشرية والديمقراطية”.

من جانبه، قدم الدكتور اعمر محمد، أستاذ باحث في الجغرافيا عضو اللجنة العلمية بالمركز، عرضا شاملا لكتابه المعنون بـ”أي دور لمدينة العيون القطب الصاعد في تدبير المجال الجهوي بالأقاليم الجنوبية المغربية”، ناقش خلاله محاور متعددة، شملت تحديد المفاهيم الأساسية المرتبطة بالمدينة والتوسع الحضري، بالإضافة إلى تناول العوامل المؤثرة في التدبير الجهوي. كما أشار إلى “دور النموذج التنموي الجديد في تعزيز مكانة مدينة العيون كقطب صاعد يطمح إلى تحقيق تدبير جهوى مستدام”.

وفي مداخلتها بالمناسبة ذاتها، تناولت غلي اسويح، باحثة بسلك الدكتوراه رئيسة لجنة المرأة والأسرة بالمركز، موضوع “المرأة الصحراوية وعلاقتها بالتنمية”، بحيث أبرزت أن “القيم الثقافية، سواء كانت موروثة بدوية أو مكتسبة، تلعب دورا جوهريا في تشكيل دينامية المرأة الصحراوية”، لافتة إلى أن “التنمية الشاملة تستلزم إعادة النظر في تلك القيم لتأسيس نموذج تنموي يأخذ بعين الاعتبار المعطيات الثقافية المحلية”.

في السياق ذاته، قدم الدكتور ياسين بن روان، رئيس اللجنة التنظيمية بالمركز، مداخلة حول موضوع “ثقافة التسامح في الصحراء المغربية ودورها في ترسيخ السلم الاجتماعي”، أوضح فيها أن “ثقافة التسامح تستمد مرجعيتها من الثوابت الدينية والوطنية للمملكة المغربية”، واستعرض “مظاهرها العملية التي تسهم في تعزيز التلاحم الاجتماعي داخل الأقاليم الجنوبية”.

ومن أجل تحقيق تنمية شاملة ومستدامة في الأقاليم الجنوبية للمملكة، أجمع المتدخلون على ضرورة تكامل البحث العلمي مع البرامج التنموية الوطنية، وتطوير آليات فعالة تتيح للمؤسسات البحثية والجامعات العمل جنبا إلى جنب مع الهيئات الحكومية والقطاع الخاص في وضع استراتيجيات تنموية تأخذ بعين الاعتبار المعطيات المحلية واحتياجات السكان بهذه الربوع.

وخلص اللقاء إلى أهمية البحث العلمي باعتباره محركا رئيسيا لاكتشاف حلول مبتكرة للتحديات التي تواجه الأقاليم الجنوبية، مثل تنمية القطاعات الاقتصادية المستدامة. علاوة على ذلك، فإن استثمار نتائج البحوث العلمية في تحسين جودة الحياة وتطوير البنية التحتية سيؤدي إلى تعزيز المكانة الاقتصادية لهذه المناطق، ويجعلها رافعة لتحقيق التنمية الوطنية بشكل عام.

كما أجمع المتدخلون على أن البحث العلمي يمكن أن يكون عاملا محوريا في تعزيز التفاعل بين الثقافات المحلية والعالمية، مشددين على ضرورة تبادل الخبرات بين الأكاديميين والباحثين من مختلف دول العالم، مع التأكيد على ضرورة إنشاء منصات للتعاون الدولي في مجالات البحوث الإنسانية والاجتماعية، تساهم في تحسين الفهم المتبادل بين مختلف الشعوب، وتعزز مكانة الأقاليم الجنوبية كمركز للحوار بين الثقافات والحضارات.

واختتم النشاط بتوصيات تشدد على دور المرأة في تعزيز التنمية الاجتماعية، من خلال إشراكها الفاعل في مختلف المشاريع التنموية والتعليميّة، وهو ما يشكل، بحسبهم، “عاملا أساسيا لتحقيق التوازن الاجتماعي والاقتصادي في المنطقة”.

قد تقرأ أيضا