استيراد الغاز المسال في بنغلاديش مكلف وضار بالبيئة (دراسة)
نسفت دراسة حديثة جدوى خطة استيراد الغاز المسال في بنغلاديش لأغراض توليد الكهرباء بما يضرّ بصحة البيئة والسكان، ويرهق خزينة الدولة باستنفاد موارد النقد الأجنبي.
أعدّت الدراسة 3 مؤسسات يابانية، وذلك خلال مدة حكم حزب رابطة عوامي بقيادة الشيخة حسينة التي فرّت إلى الهند بعد احتجاجات شعبية أسفرت عن تشكيل حكومة جديدة.
وبحسب متابعات منصة الطاقة المتخصصة (مقرّها واشنطن) لتحديثات القطاع، أطلقت الحكومة الجديدة، بقيادة الرئيس الحائز على جائزة نوبل محمد يونس، لجنة متخصصة لمراجعة اتفاقيات الغاز المسال والكهرباء.
وحاليًا، يصيب العجز قطاع الغاز في بنغلاديش؛ إذ يبلغ حجم الإنتاج المحلي ملياري قدم مكعبة يوميًا، أمّا الطلب فقد تضاعَف إلى 4 مليارات قدم مكعبة يوميًا.
كما تبلغ تكلفة وارادات بنغلاديش من الغاز المسال 6 آلاف تاكا كرور (504 ملايين دولار أميركي)، كما استأنفت الشراء من السوق الفورية بعد توقُّف دام شهرين.
استيراد الغاز المسال في بنغلاديش
انتقدت 3 مؤسسات خطة الطاقة كثيفة الاعتماد على الواردات واستيراد الغاز المسال في بنغلاديش، التي كانت قد أعدّها في العام الماضي (2023) كلّ من وكالة التعاون الدولي اليابانية "جايكا" ومعهد اقتصادات الطاقة، ووكالة تابعة للحكومة اليابانية.
ووجد تحليل أجرته مجموعات "ماركت فورسيز" (Market Forces) و"ووتر كيبرس بنغلاديش" (Waterkeepers Bangladesh) و"دهوريتري روكهاي أمارا" (Dhoritri Rokhhay Amra) أن تكلفة بناء محطات كهرباء جديدة تعمل بالغاز ومحطات استيراد ستكبّد الاقتصاد 50 مليار دولار، وفق ما ذكرته صحيفة "ذا بيزنس ستاندرد" المحلية" (tbsnews).
وبحسب متابعات منصة الطاقة المتخصصة لتحديثات قطاع الطاقة في بنغلاديش، تعاني الدولة الواقعة في جنوب آسيا من شح إمدادات الكهرباء والغاز، ويبلغ الطلب ذروته خلال موجات الحر المميتة، ويضرّ شح الإمدادات بصناعات الأسمدة والملابس، فضلًا عن منازل المواطنين.
لكن استيراد الغاز المسال سيكون محمّلًا بمخاطر على صحة المواطنين وسلامتهم، بسبب الانبعاثات السامة الناتجة عن حرقه، وبدلًا من استيراد الوقود الأحفوري الباهظ، اقترح القائمون على الدراسة إقامة محطات كهرباء تعمل بالطاقة المتجددة، وبتكلفة أقل قدرها 36 مليون دولار فقط.
ويمكن استغلال ذلك المبلغ لإقامة مشروعات طاقة متجددة بقدرة 62 غيغاواط، وهو يتجاوز ضعف قدرات إنتاج الكهرباء في بنغلاديش حاليًا.
وكانت منصة الطاقة المتخصصة قد رصدت في مايو/أيار (2024) احتجاجات نظّمتها المؤسسات الـ3 رفضًا لتمويل المصارف اليابانية لما أسمته بالتحول الكاذب في آسيا، الذي يعتمد على استيراد الوقود الباهظ.
إدمان الوقود السام
تتضمن خطة الطاقة التي أعدّتها المؤسسات اليابانية إقامة 41 محطة كهرباء تعمل بالغاز في بنغلاديش، وهو ما يزيد عن القدرات الإجمالية للمحطات القائمة.
وعلاوة على البنية الأساسية ممثلةً في محطات الكهرباء والاستيراد، سيكلّف استيراد الغاز المسال نفسه ما يتراوح بين 7 و11 مليار دولار سنويًا، حسبما تقول محللة شؤون الطاقة الأسيوية في شركة "ماركت سورسيز" منيرة تشودهاري.
ومن شأن تنفيذ خطة استيراد الغاز المسال أن يطلق انبعاثات سامة، ويُبقي بنغلاديش داخل قائمة أكثر بلدان العالم تلوثًا للهواء.
وبحسب منيرة توشدهاري، تُجبر الشركات الأجنبية غير الأخلاقية بنغلاديش على الإدمان الخطير للغاز المسال "السام" بما يضرّ بصحة المواطنين وكوكب الأرض.
يُشار هنا إلى أن شركات عالمية مثل "جي إي فيرنوفا" الأميركية (GE Vernova) وجيرا اليابانية (JERA) ضاعفت خطط التوسع بقطاع الغاز المسال في بنغلاديش.
وأضافت منيرة أن "شعب بنغلاديش يستحق طاقة متجددة نظيفة وموثوقة وهواءً صالحًا للتنفس، وليس الغاز الأحفوري الملوث.. أمام الشركات والممولين اليابانيين فرصة ذهبية لدعم التحول إلى الطاقة المتجددة وتحديث الشبكة في بنغلاديش".
وفي هذا السياق، قالت، إن الفرصة سانحة أمام بنغلاديش لإقامة مشروعات طاقة شمسية بقدرة 240 غيغاواط ورياح برية بقدرة 30 غيغاواط، داعيةً صنّاع السياسات إلى توجيه الأموال بعيدًا عن استيراد الغاز المسال لصالح الطاقة المتجددة وترقية الشبكة.
مخاطر وأعباء
دعا الرئيس السابق للجنة الوطنية لحماية الأنهار، مجبور رحمان، إلى اتخاذ إجراءات صارمة ترقى إلى توجيه التهم الجنائية ضد من يقيم محطات الكهرباء العاملة بالغاز المسال ومحطات الاستيراد، متهمًا إياهم بالاستيلاء على موارد المواطنين.
كما طالب منسّق "ووتر كيبرس بنغلاديش"، شريف جميل، بتعديل خطة الطاقة يابانية الصنع، قائلًا، إنها ستؤدي إلى الاعتماد المفرط على الغاز المسال بما يهدد أمن الطاقة المحلي.
ويرى الأكاديمي السابق في جامعة جاهانغيرناغار محمد أنو، أن استيراد الغاز المسال يرهق كاهل بنغلاديش بأعباء مالية مصحوبة بتدمير الحياة والطبيعة.
موضوعات متعلقة..
اقرأ أيضًا..