رئيس تحرير "الجزائر الآن": الحكومة ملتزمة بالانتقال الطاقوي.. وهذه أسباب اختيار "ياسع" و"طافر" (حوار)
أظهر التشكيل الحكومي الجديد في الجزائر بصيغته الجديدة الاتجاهَ إلى إحداث تغييرات عميقة في قطاع الطاقة؛ إذ حرص على توزيع ملف الطاقة ضمن اختصاصات محددة، ولا سيما الطاقات المتجددة والمناجم، لتكون تابعة بالكامل لمكتب وزير الطاقة والمناجم.
وفي هذا الإطار، يوضح رئيس تحرير صحيفة "الجزائر الآن" رفيق شلغوم، أن هذا التشكيل يعزز عملية الانتقال الطاقوي، كما يحقق بعض الأهداف الإستراتيجية لملف الطاقة في البلاد، التي تسعى إلى تعزيز وجود الطاقة النظيفة.
وأوضح، في حوار أجرته معه منصة الطاقة المتخصصة (مقرها واشنطن)، أن هناك حاجة إلى استثمار موارد الطاقات المتجددة في البلاد، وهو الأمر الذي حرص عليه التشكيل الحكومي في الجزائر حاليًا.
كما تطرق شلغوم، خلال الحوار، إلى الأهداف التي يحققها التشكيل الحكومي في الجزائر من دمج قطاع الطاقات المتجددة في وزارة الطاقة والمناجم، بعد أن كان جزءًا من وزارة البيئة لمدة تتجاوز العامين، فإلى نص الحوار:
بداية.. ما رؤيتكم للتغييرات الجديدة بقطاع الطاقة ضمن التشكيل الحكومي في الجزائر؟
تعكس التغييرات الجديدة في قطاع الطاقة ضمن التشكيل الحكومي في الجزائر، التزامًا واضحًا بتعزيز الانتقال الطاقوي وتحقيق أهداف إستراتيجية الطاقة الوطنية.
فإدماج كاتب دولة مكلف بالطاقات المتجددة داخل وزارة الطاقة والمناجم، ليس فقط خطوة تنظيمية، بل يعكس رؤية شمولية تسعى إلى تركيز الجهود والموارد لتحقيق أهداف أكثر فاعلية وكفاءة.
وهذا الدمج يسمح بجمع الخبرات والموارد التقنية والبشرية في إطار موحد؛ ما يسهم في تحسين التنسيق بين المشروعات المختلفة، سواء في مجال الطاقات المتجددة، أو تطوير الهيدروجين الأخضر، أو تعزيز كفاءة استعمال الغاز الطبيعي بصفته جزءًا من الانتقال الطاقوي.
إن الجزائر، بسعيها إلى الوصول إلى نسبة 30% من الطاقات المتجددة في المزيج الطاقوي بحلول عام 2035، بحاجة إلى استثمار مواردها بكفاءة عالية.
وهذا التنظيم أو الهيكل الجديد الذي يضعه التشكيل الحكومي في الجزائر يعزز القدرة على تحقيق هذا الهدف الطموح، مع تحسين فاعلية تنفيذ المشروعات، مثل برنامج الـ15 ألف ميغاواط الذي يشمل مشروعات كبرى قيد التنفيذ حاليًا.
هل يعني إلغاء وزارة الطاقة المتجددة والاكتفاء بمنصب كاتب دولة لدى وزير الطاقة التراجع عن أهداف التحول الطاقي؟
على العكس تمامًا، هذه الخطوة لا تعني تراجعًا عن أهداف التحول الطاقوي، بل تمثل نقلة نوعية نحو تحسين الفاعلية التنظيمية.
إن وجود كاتب دولة مكلف بالطاقات المتجددة داخل وزارة الطاقة والمناجم يتيح تركيز الموارد والخبرات ضمن إطار موحد؛ ما يحقق تأثيرًا أقوى في تنفيذ الإستراتيجية الطاقوية.
هذه الخطوة تعزز الكفاءة من خلال تجنب تشتت الجهود، وتسهل التنسيق بين مختلف المشروعات الطاقوية؛ ما يضمن انسجامها مع الأهداف الوطنية؛ فالطاقات المتجددة لم تعد قطاعًا منفصلًا، بل ركيزة أساسية ضمن إستراتيجية الطاقة الوطنية.
وكيف يستفيد قطاع الطاقات المتجددة من قرار الدمج؟
علاوة على ما سبق، يعطي قرار الدمج الذي أُقِر ضمن التشكيل الحكومي في الجزائر، رؤية أكثر عمقًا ودعمًا أكبر لقطاع الطاقات المتجددة في البلاد، سواء على مستوى السياسات أو التمويل، وكذلك البنية التحتية والكوادر البشرية.
ومن خلال التركيز على تحقيق التكامل بين الطاقات الأحفورية والمتجددة، يصبح تحقيق أهداف التحول الطاقوي أكثر واقعية، مع تسريع التنفيذ وجذب استثمارات دولية في هذا المجال.
ما تقييمكم للأسماء التي تضمنها التشكيل الحكومي في الجزائر لوزارة البيئة وقطاعي المناجم والطاقة المتجددة؟
التعيينات الجديدة في قطاعي المناجم والطاقات المتجددة تعكس اختيارًا إستراتيجيًا ومدروسًا لشخصيات ذات كفاءة وخبرة عميقة قادرة على تحقيق الأهداف الطموحة التي وضعتها الجزائر ضمن إستراتيجيتها للتنمية المستدامة وتنويع الاقتصاد الوطني.
ويُظهر اختيار البروفيسور نور الدين ياسع والوزيرة كريمة طافر مدى التزام الدولة بتعزيز هذين القطاعين الحيويين؛ بما يُسهِم في تحقيق التحول الطاقوي واستغلال الموارد المعدنية بفاعلية ومسؤولية.
كيف يعزز اختيار البروفيسور نور الدين ياسع من الانتقال الطاقوي في البلاد؟
يمثل تعيين البروفيسور نور الدين ياسع في منصب كاتب الدولة المكلف بالطاقات المتجددة خطوة محورية نحو تحقيق أهداف الجزائر في هذا المجال.
فهو يتمتع بخبرة طويلة ورؤية إستراتيجية واضحة؛ إذ شغل منصب محافظ للطاقات المتجددة والفعالية الطاقوية، وكذا مدير مركز تطوير الطاقات المتجددة (CDER) وشارك في صياغة السياسات الدولية للطاقة من خلال مناصبه بالهيئة الحكومية الدولية المعنية بتغير المناخ (IPCC).
كما أن انتخابه نائبًا لرئيس مجموعة العمل الخاصة بالتخفيف من تغير المناخ ضمن الهيئة الدولية يعد اعترافًا دوليًا بقدراته، هذا الدور يمنح الجزائر مكانة مؤثرة في المناقشات الدولية حول الطاقات المتجددة وتغير المناخ.
كما أنه أحد أبرز المساهمين في البرنامج الوطني الطموح لتطوير الطاقات المتجددة، الذي يهدف إلى إنتاج 15 غيغاواط بحلول عام 2035، مع التركيز على استغلال الإمكانات الهائلة للطاقة الشمسية والرياح، وتعزيز موقع الجزائر بصفتها منتجةً ومصدرةً للهيدروجين الأخضر.
وله قدرة على التأثير في التحول الطاقوي؛ إذ بخبرته وشبكة علاقاته الدولية، سيعمل على تحفيز المشروعات الرائدة ودعم الابتكار في الطاقات المتجددة؛ ما يُسهِم في تقليل الاعتماد على الوقود الأحفوري وتحقيق أهداف التنمية المستدامة.
وفيما يخص اختيار كاتبة الدولة المكلفة بالمناجم كريمة طافر.. كيف ترى هذا الاختيار؟
أرى أنها قادرة على قيادة قطاع المناجم نحو الاستدامة والتطور؛ فهذا الاختيار يمثل خطوة إستراتيجية لدفع هذا القطاع الحيوي نحو استغلال أمثل للموارد المعدنية التي تزخر بها الجزائر.
فهي تتمتع بخبرة تزيد على 30 عامًا في مجال الجيولوجيا وإدارة الموارد المعدنية؛ إذ شغلت مناصب قيادية في وكالة المصلحة الجيولوجية للجزائر، وخلال قيادتها لهذه الوكالة أسهمت في تطوير بنك البيانات الجيولوجية الوطني وإطلاق 29 مشروعًا لتحديث الخرائط الجيولوجية.
كما أن خبرتها ستُسهِم في تسريع تنفيذ مشروعات إستراتيجية مثل استغلال منجم غارا جبيلات الضخم ومشروع الفوسفات المدمج في تبسة وسوق أهراس، ومشروع الزنك والرصاص بولاية بجاية.
وهي تسعى إلى إدخال تقنيات متطورة مثل الاستشعار عن بُعد لتعزيز دقة البيانات الجيولوجية وضمان استدامة استغلال الموارد الطبيعية.
هل يعني ذلك أن التشكيل الحكومي في الجزائر وضع لبنة لنقلة نوعية طاقوية كبيرة بالبلاد؟
إن تعيين ياسع وطافر يشكل نموذجًا للربط بين الكفاءة المهنية والأهداف الإستراتيجية؛ فالبروفيسور ياسع سيُسهِم في قيادة التحول الطاقوي وتطوير الطاقات المتجددة بما يخدم المستقبل المستدام، كما ستعمل طافر على تعزيز قطاع المناجم باستغلال الموارد المعدنية بطريقة مسؤولة تدعم الاقتصاد الوطني.
إن التعيينات الجديدة في قطاعي المناجم والطاقات المتجددة تؤكد التزام الجزائر بالمضي قدمًا في تحقيق تحولها الاقتصادي والطاقوي، والكفاءات المتميزة التي اختيرت تمثل ضمانة حقيقية لتحقيق هذه الأهداف الطموحة، مع التركيز على الابتكار والاستدامة وتطوير البنية التحتية، بما يعزز موقع الجزائر بصفتها قوة إقليمية ودولية في مجالي الطاقة والمناجم.
وأرى أن استحداث منصب كاتب دولة مكلف بالطاقات المتجددة ضمن وزارة الطاقة والمناجم يعزز من تأثير القطاع ويُسرّع تحقيق أهداف التحول الطاقوي بفضل التركيز على الكفاءة التنظيمية والتكامل الإستراتيجي، ووضع أسس فعالة للتحكم وترشيد الطاقة.
موضوعات متعلقة..
اقرأ أيضًا..