"حرب المصالح" والبيض التركي.. لماذا لم تخفض 30 مليون بيضة الأسعار؟ - سبورت ليب
عزيزي الزائر أهلا وسهلا بك في موقع سبورت ليب نقدم لكم اليوم "حرب المصالح" والبيض التركي.. لماذا لم تخفض 30 مليون بيضة الأسعار؟ - سبورت ليب
03:33 م الأربعاء 06 نوفمبر 2024
كتبت: دينا كرم
لم تكد الحكومة تعلن قرارها استيراد 30 مليون بيضة من تركيا لتهدئة أسعار البيض التي وصلت لـ175 جنيها في الطبق، حتى فتح منتجو البيض نيران التشكيك تارة بالحديث عن وزن أقل للتركي مقابل المصري، وأخرى تحذير من خطورته على الصحة بسبب التخزين، لتشتعل معركة التصريحات بين المنتجين من ناحية والتجار من ناحية أخرى.
ومع صخب "صراخ المصالح" في معركة البيض التركي الذي يباع بـ150 جنيها، بقت أسعار البيض المصري كما هي لم تشهد غير انخفاضات محدودة سرعان ما تراجع عنها ليصل اليوم إلى 175 جنيها، فما السبب؟
رسالة وليس إغراق السوق
يقول عبد العزيز السيد، رئيس شعبة الدواجن، إن خطوة استيراد البيض التركي خطوة ايجابية، جاءت لضبط السوق وتحقيق التوازن بين العرض والطلب، مشيرًا إلى أن الكمية المستوردة، 30 مليون بيضة، لم تكن تهدف إلى "إغراق السوق" بل هي رسالة للمنتجين المحليين لضبط الأسعار.
ويبلغ انتاج مصر اليومي من البيض حوالي 26 مليون بيضة، والاستهلاك اليومي حوالي 30 مليون بيضة، أي أن هناك فجوة بين الإنتاج والاستهلاك، بقيمة 4 مليون بيضة يومياً، مما يعني أن الكمية المستوردة- 30 مليون بيضة- تغطي عجز 7 أيام ونصف، وتغطي استهلاك يوم واحد فقط.
وأضاف السيد أن قرار الاستيراد لم يهدف لإلحاق الضرر بالمنتج المحلي، وإذا كان الهدف هو إضرار المنتج المحلي، لتم استيراد كميات أكبر، لكن الهدف هو تحقيق التوازن وحماية المستهلك من الارتفاع غير المبرر للأسعار.
اطمئنان السيد قابله تخوفات من شعبة البيض، يرى أحمد نبيل، عضو شعبة بيض المائدة، أن الاستيراد بالإضافة إلى أنه ليس حلاً مستداماً ومجرد "مسكن مؤقت"، إلا أن من شأنه أن يؤدي لتأثيرات سلبية على الإنتاج المحلي، فقد يضطر المنتجون المحليون لخفض إنتاجهم أو حتى التوقف عن إدخال قطعان جديدة، والخروج من السوق بسبب المنافسة، مما يزيد من المشكلة بدلا من حلها.
واتفق معه محمود سرور، عضو مجلس إدارة شعبة منتجي بيض المائدة، أن المنتجين المحليين قد يجدون أنفسهم مجبرين على خفض الأسعار إلى ما دون التكلفة، ما قد يؤدي إلى خروج بعضهم من السوق تمامًا، كما يرى أن قرار الاستيراد ما هو الا استنزاف العملة الصعبة لصالح الاقتصاد التركي، إذ تعتمد تركيا على دعم صادرات البيض لزيادة عوائدها من العملات الأجنبية، لذلك من الطبيعي أن يصل البيض الى مصر بسعر ينافس المنتج المصري.
معركة المصالح
لم يكد باب استيراد البيض التركي يفتح، حتى أطلق منتجي البيض اتهاماتهم. يقول أحمد نبيل، عضو شعبة بيض المائدة، إن المستهلك المصري قد لا يجد في البيض التركي ما يتوقعه من الجودة والطزاجة، وذلك لأن البيض التركي يتم شحنه في مبردات للحفاظ عليه ويشتريه المستهلك التركي على هذا الأساس. وتابع: البيض التركي يصل وزنه إلى كيلو و600 جرام بينما وزن المصري 2 كيلو.
وحذر نبيل من أن تعرض البيض للحرارة أو الرطوبة أثناء النقل حتى وصوله قد يؤدي إلى فساده خلال ساعات، موضحًا أن البيض المبرد لا يلائم عادات المستهلك المصري، الذي يفضل البيض الطازج والذي يمكن حفظه خارج الثلاجة لمدة 21 يوما.
واتفق معه محمود سرور، عضو مجلس إدارة شعبة منتجي بيض المائدة، وقال إن أي خلل في التبريد قد يؤدي إلى فساد البيض خلال ساعة أو ساعتين فقط، لأن في تركيا يتم تبريد البيض منذ خروجه من المزرعة وحتى وصوله للمستهلك، وأي خلل سيؤدي إلى التأثير على قيمته الغذائية.
في المقابل، فند عبد العزيز السيد، رئيس شعبة الدواجن، ما أثارته شعبة البيض. وأكد أن البيض المستورد يمر بعمليات فحص من قبل جهات حكومية متخصصة، مثل قطاع الإنتاج الحيواني، ووزارة التموين والهيئة العامة للخدمات البيطرية، لضمان سلامته. وشدد على أنه يتميز بجودة عالية، حيث يأتي من مزارع تركية تستخدم أنظمة حديثة مثل البطاريات المغلقة التي تضمن إنتاجًا عالي الجودة، مما يعني عدم صحة الأقاويل التي تشكك في جودته.
وتابع: البيض التركي يتميز بحجم جيد، والشائعات حول صغر حجم البيض المستورد غير صحيحة، موضحا أنه يتم إنتاج أنواع مختلفة من البيض في دورات إنتاجية متنوعة، منها البيض الصغير في بداية الدورة المعروف ببيض البشاير، وفي نهاية الإنتاج يسمى ذروة الانتاج، كما أكد أن الوزن الإجمالي للطبق المستورد يصل إلى 2 كيلو و100 جرام. أي أنه أكبر من نظيره المصري بـ100 جرام.
لماذا لم يخفض البيض التركي الأسعار؟
أعلنت الحكومة عن استيراد البيض التركي، لتقليل أسعاره التي بلغت 175 جنيها، ورغم انخفاض الأسعار بعدها بأيام لـ 165 جنيها، إلا أنها عادت للارتفاع ووصل سعر كرتونة البيض الأبيض اليوم إلى 174.3 جنيه بتراجع 88 قرشا عن اليوم السابق. فيما ارتفع البيض البلدي اليوم إلى 178.37 جنيه، بزيادة 1.76 جنيه ليبقى السؤال: لماذا لم يؤثر البيض التركي على أسعار البيض المصري.
يقول حازم المنوفي، عضو شعبة المواد الغذائية، إنه فور دخول البيض التركي انخفضت الأسعار بقيمة 10 جنيهات للطبق، حيث تراجعت الأسعار من 175 جنيهاً إلى 165 جنيهاً. ويشير المنوفي إلى أن هذه الكميات تُضخ في منافذ الدولة والمجمعات الاستهلاكية لتلبية احتياجات المستهلكين.
ومع ذلك، نفى نبيل أن يكون الانخفاض وقتها له علاقة مباشرة بدخول البيض التركي، موضحًا أن الشعبة كانت متوقعة انخفاض الأسعار نتيجة دخول قطعان جديدة إلى السوق، وهو أمر مألوف من نهاية سبتمبر إلى أكتوبر ونوفمبر، لذلك يرى أن انخفاض الأسعار كان سيحدث بغض النظر عن الاستيراد، مؤكدًا أن البيض يخضع لآليات العرض والطلب، ولا يمكن تخزينه ولا احتكاره.
لكن أسعار البيض عادت للارتفاع مجددا، ما يخالف توقعات الطرفين.
فجوة الإنتاج
يرى سرور، أن إنتاج البيض في مصر شهد انخفاضًا كبيرًا خلال السنوات الأخيرة، ما تسبب في فجوة واضحة بين العرض والطلب، ففي عام 2021، بلغ الإنتاج اليومي مليون و200 ألف طبق بيض، لكنه تراجع إلى 800 ألف طبق في 2022، ثم انخفض إلى ما بين 600 و650 ألف طبق في 2023، أما في 2024، فقد تقلص الإنتاج أكثر ليصل إلى ما بين 550 الى 600 ألف طبق يوميًا فقط.
ويعود هذا التراجع إلى خروج العديد من المنتجين من السوق بسبب ارتفاع تكاليف الإنتاج والخسائر المتكررة، حيث أن المنتجين خلال عام 2023 كانوا يبيعون طبق البيض بسعر أقل من تكلفته بحوالي 25 جنيهًا، ما يعني أن المزرعة التي تنتج 1000 طبق يوميًا كانت تخسر 25 ألف جنيه يوميًا، وإذا كانت المزرعة متوسطة الحجم وتنتج بين 3 إلى 5 آلاف طبق يوميًا، فقد تصل الخسائر اليومية إلى ما بين 100 و150 ألف جنيه.
وأضاف سرور، أنه نتيجة لهذه الخسائر المستمرة، اضطرت العديد من المزارع إلى تقليص إنتاجها أو الخروج من السوق تمامًا، وهذا الخروج المفاجئ للعديد من المنتجين من السوق تسبب في تراجع الإنتاج المحلي بشكل حاد، حيث انخفض إنتاج البيض من 600 و650 ألف طبق يوميًا في 2023 إلى 500 و550 ألف طبق في 2024 وقد أدى هذا التراجع إلى اتساع الفجوة بين العرض والطلب، مما تسبب في ارتفاع كبير في الأسعار، بالإضافة إلى أن المنتجين يحاولون تعويض هذه الخسائر.
ما الحل؟
يرى رئيس شعبة الدواجن أن المنتجين عليهم خفض هوامش أرباحهم، بحيث يصبح سعر طبق البيض 130 جنيهًا، انطلاقا من دعم الدولة للمنتجين بتوفير مستلزمات الإنتاج مثل اللقاحات والأعلاف، وأكد أنه لو كان هناك خسائر فمن المفترض أنه تم تعويضها وأكثر.
واشار الي ان إنتاج البيض انخفض من 14 مليار بيضة في 2022 إلى 9 مليار فقط في الوقت الراهن، وبذلك فهناك فجوة تُقدر بنحو 5 مليار بيضة سنويًا.
بينما قال عضو شعبة بيض المائدة إن هناك مشكلات تواجه القطاع مثل عدم توافر اللقاحات، وارتفاع أسعارها في السوق السوداء بنسبة 700%، كما أن القطاع يشهد تحسناً تدريجياً، حيث بدأ بالتعافي من الخسائر التي تعرضوا لها، كما أن الإنتاج ارتفع من 400 ألف طبق يومياً في بداية عام 2024 إلى 600 ألف طبق حالياً، فبدلا من الاستيراد على الدولة حل مشكلات القطاع خاصة بعد توجيهات الرئيس السيسي بتوطين الصناعة المحلية.
واتفق معه سرور، قائلا إن الحل الأمثل يكمن في دعم المنتجين المحليين، وزيادة إنتاجهم تدريجيًا لتحقيق التوازن في السوق، لان استيراد البيض قد يضر بالاستقرار الذي حققته مصر منذ الثمانينيات في الاكتفاء الذاتي من بيض المائدة، كما أنه لابد أن نلتزم الصبر حتى يتمكن المنتجون المحليون من إدخال قطعان جديدة وزيادة الإنتاج تدريجيًا، مما سيساهم في تحقيق التوازن بين العرض والطلب واستقرار الأسعار أو انخفاضها.