فلسطينيون لـ«الدستور»: نعيش مجاعة حقيقية بسبب نهب المساعدات بتواطؤ إسرائيلى
كيس طحين الدقيق ارتفع سعره من 7 دولارات إلى 300 فى شهرين فقط
يشهد الفلسطينيون أوضاعًا إنسانية كارثية تتفاقم يومًا بعد يوم، حيث يواجهون مجاعة حقيقية تهدد حياتهم وكرامتهم، وسط اتهامات متصاعدة بنهب المساعدات الإنسانية المقدمة لهم، بتواطؤ إسرائيلي واضح.
وفي حديثهم لـ«الدستور»، أكد مواطنون فلسطينيون أن معاناتهم تجاوزت حدود الفقر والجوع، لتصل إلى مستوى من الحرمان الممنهج الذي يترك أثراً عميقاً على حياتهم اليومية ومستقبلهم.
في ظل هذه الظروف، تُثار تساؤلات حول مصير المساعدات ودور الأطراف الدولية في وقف هذا النزيف الإنساني.
سامح أبودية: شهدت سرقة 109 من 150 شاحنة دخلت القطاع فى يوم واحد
كشف الفلسطينى سامح أبودية، أحد النازحين من غزة، عن تفاصيل الوضع الإنسانى الكارثى الذى يعيشه سكان القطاع بسبب المجاعة الناتجة عن سرقة المساعدات الإنسانية ونهبها، على يد عصابات منظمة تعمل تحت أعين جيش الاحتلال الإسرائيلى.
وقال «أبودية»، لـ«الدستور»: «نعيش مجاعة حقيقية، والوضع يزداد سوءًا يومًا بعد يوم. السبب الرئيسى هو تحول السرقات من حالات فردية إلى عصابات منظمة. نحن نتحدث عن ٣ أو ٤ عصابات معروفة بالاسم، تسيطر على المساعدات الإنسانية التى تدخل قطاع غزة»، مشيرًا إلى أن «آخر مرة شهدت سرقة ١٠٩ شاحنات من أصل ١٥٠ دخلت فى يوم واحد فقط».
وأضاف النازح الفلسطينى: «يتم الاستيلاء على هذه المساعدات، ثم بيعها بأسعار باهظة للسكان الذين يعانون أساسًا»، مؤكدًا أن أسعار المواد الأساسية شهدت ارتفاعًا غير مسبوق، فمثلًا ارتفع سعر كيس الطحين من ٢٠ شيكل «٧-٨ دولارات» قبل شهرين إلى ٣٠٠ دولار الآن، مع ندرة شديدة فى توافره.
وواصل: «لا يوجد طحين، ولا توجد مواد غذائية أساسية مثل الزيوت النباتية والسكر والخضروات والفواكه. حتى مواد التنظيف الأساسية غائبة تمامًا عن المساعدات. هذه ليست أزمة بسيطة، بل كارثة»، متهمًا جيش الاحتلال الإسرائيلى بتسهيل هذه السرقات.
وأكمل: «العصابات المسلحة تعمل فى مناطق الاستهداف، وتحت سيطرة جيش الاحتلال. هو قادر على منع هذه العصابات عبر استهدافها أو تهديدها. لكنه يمتنع عن ذلك بتشجيع واضح. إسرائيل مستفيدة من هذه الفوضى، وتستخدمها كوسيلة لتنفيذ مخططات جديدة تستهدف سكان غزة».
كما تحدث عن التوزيع غير العادل للمساعدات القليلة التى تدخل قطاع غزة، قائلًا: «المساعدات التى تصلنا لا تكفى الجميع، ويتم توزيعها بشكل غير عادل وغير شامل. الكميات قليلة جدًا، وتُنهب قبل أن تصل إلى مستحقيها».
وأعرب «أبودية» عن استيائه من الوضع الراهن، معتبرًا أن «الحل يتطلب تدخلًا دوليًا عاجلًا لضمان دخول المساعدات بشكل آمن وعادل، بعيدًا عن فوضى السرقات والتواطؤ الإسرائيلى، خاصة أن الوضع تجاوز كل الخطوط الحمراء، والنازحون بحاجة إلى دعم حقيقى لإنقاذ ما يمكن إنقاذه».
ثائر أبوعطيوى: العصابات تبيع السلع المنهوبة للتجار فيطرحونها بأسعار خيالية
ووصف ثائر أبوعطيوى، صحفى فلسطينى ونازح فى جنوب قطاع غزة، سرقة المساعدات الإنسانية والإغاثية، التى تأتى إلى أكثر من ١.٥ مليون نازح، بأنها جريمة إنسانية بكل المقاييس والأعراف الأخلاقية والقانونية.
وأضاف «أبوعطيوى»: «سرقة المساعدات والهجوم والسطو المسلح على قوافل الشاحنات التى تحمل مواد غذائية لسكان قطاع غزة، ثم بيعها فى السوق السوداء بأسعار باهظة الثمن، تؤثر سلبًا على حياة المواطنين والنازحين، وتحرمهم من وصول المساعدات الإنسانية لهم».
وواصل: «المواطنون غير قادرين على شراء السلع الغذائية والمواد الإغاثية، لأنها تباع بأسعار مرتفعة الثمن، خاصة أن بعض التجار، بعد شرائها من عصابات النهب والسرقة، يخبئونها لفترة فى عملية احتكار واضحة، ثم يخرجونها لدى حاجة المستهلك إليها، لكن بأسعار خيالية لا تتناسب مطلقًا مع حياة النازحين المشردين، الذين يعيشون حياة مأساوية خالية من كل شىء، واعتمادهم الأساسى على المساعدات الإنسانية والإغاثية، التى تأتى إما عن طريق دعم دول مشكورة، أو عبر وكالة غوث وتشغيل اللاجئين الفلسطينيين أونروا».
وأكمل: «اليوم قطاع غزة بالدليل والبرهان يواجه أزمة حقيقية، بسبب سرقة ونهب شاحنات الدقيق التابعة لـ(أونروا)، ما خلق أزمة حادة تسببت فى إغلاق العديد من المخابز فى المنطقة الجنوبية والوسطى، ما جعل ربطة الخبز تُباع فى السوق السوداء بأسعار خيالية، لا يستطيع النازحون توفيرها بطبيعة الحال».
وأكد «أبوعطيوى»، لـ«الدستور»: «عمليات النهب والسلب للمساعدات الإغاثية الإنسانية، من قبل قطاع الطرق واللصوص الخارجين عن الأعراف الوطنية والمجتمعية، تؤدى إلى خلق أزمة إنسانية، فوق الأزمات المتراكمة التى يعيشها سكان قطاع غزة، فى ظل حرب الإبادة، التى يشارك بها اللصوص وقطاع الطرق ضد أبناء شعبهم».
وأضاف الصحفى الفلسطينى: «سرقة وسلب المساعدات الإنسانية والإغاثية تؤدى إلى حدوث مجاعة، وأكبر دليل على ذلك ما يتعرض له المواطنون فى شمال قطاع غزة. لذا سرقة وعمليات النهب والسطو على شاحنات المساعدات الإنسانية أمر مستهجن ومرفوض على كل المستويات، لأن هذه المساعدات من حق النساء والأطفال وكبار السن والمرضى الذين بحاجة إلى تغذية مستمرة».
واختتم تصريحاته قائلًا: «هنا يجب التحرك وطنيًا واجتماعيًا من كل المؤسسات والشخصيات المؤثرة فى قطاع غزة، من أجل التصدى بكل حزم لظاهرة سرقة وسلب شاحنات المساعدات الإغاثية، وضمان وصولها إلى مستحقيها، من جموع النازحين المشردين فى الخيام ومراكز الإيواء الذين يموتون جوعًا».