«صحيفة بوليتيكو الأمريكية»: عودة ترامب إلى البيت الأبيض أكثر غموضًا من الحملة التى أخرجته منه
فاز دونالد ترامب بالرئاسة، مما نقل مركز القوة فى أمريكا إلى اليمين، بعد هزيمة كمالا هاريس، فى سباق مضطرب أثار قلق الأمة، وجعله فى النهاية الرئيس الخامس والأربعين والسابع والأربعين فى آن واحد.
وقد أُعيد ترامب إلى السلطة نتيجة سخط واسع النطاق تجاه واشنطن وأوضاع البلاد، بما فى ذلك ارتفاع تكاليف المعيشة، إلى جانب حملة انتقدت المهاجرين ونظام العدالة فى الولايات المتحدة، وجمعت دعم الطبقة العاملة والرجال.
وسيصبح ترامب ثانى رئيس فى تاريخ الولايات المتحدة يستعيد منصب الرئاسة بعد خسارته له، عائدًا إلى البيت الأبيض بعد هزيمته قبل أربع سنوات، حيث خاض حملة منذ ذلك الحين متعهدًا بمعاقبة خصومه السياسيين.
وسيتولى «ترامب»، المنصب فى وقت يشهد انقسامات ثقافية وسياسية عميقة، بعد أن حقق نتائج أفضل من عام ٢٠٢٠ فى مختلف المناطق.
وبهذا أصبح أول رئيس فى تاريخ الولايات المتحدة يُدان بجرائم، وكانت عودته إلى البيت الأبيض أكثر غموضًا من الحملة التى أخرجته منه قبل أربع سنوات، وسط جائحة واضطرابات مدنية.
ومن المرجح أن تسقط القضايا الجنائية التى رفعها المستشار الخاص جاك سميث - بشأن محاولة ترامب قلب نتائج انتخابات ٢٠٢٠ وقراره الاحتفاظ بوثائق سرية فى منتجعه مارالاغو - بمجرد تولى ترامب منصبه.
أما القضية الجنائية التى تأخرت طويلًا فى ولاية جورجيا والمتعلقة أيضًا بانتخابات ٢٠٢٠، فمن المحتمل أن تتوقف حتى عام ٢٠٢٩ على الأقل، حينما يغادر ترامب منصبه عن عمر ٨٢ عامًا.
وقد يواجه ترامب الحكم فى قضيته فى نيويورك بشأن فضيحة الأموال السرية لعام ٢٠١٦، إلا أن ترامب سيستخدم رئاسته الوشيكة لتجنب أى عواقب، خصوصًا إذا سعى القاضى خوان ميرشان إلى الحكم عليه بالسجن، صحيفة بوليتيكو الأمريكية.
هذا العام، أعلن ترامب انتصاره بعد خمسة أشهر أخيرة من حملة تضمنت إدانته بجرائم فى ٣٤ تهمة تتعلق بدفعات أموال سرية لممثلة إباحية؛ وتعرضه لإطلاق نار فى الأذن من قبل شخص حاول اغتياله خلال تجمع انتخابي، وهى المحاولة الأولى من محاولتين لاستهدافه.
كما شهدت الحملة تغييرًا فى قمة الترشح الديمقراطى فى يوليو، بعد أسبوع من الحادثة، مما جعل السباق أكثر تنافسية مما بدا فى وقت سابق من الصيف عندما كان ترامب يواجه جو بايدن.
لكن رفع الديمقراطيين لكمالا هاريس لم يكن كافيًا، حيث نجح ترامب فى تصوير هاريس كامتداد لإدارة كانت غير محبوبة على نطاق واسع بين الأمريكيين، حيث أطلق هجمات شخصية قاسية ضدها وصورها على أنها أقل تأهلًا للمنصب من بايدن المتقدم فى العمر.
وانتقد مواقفها السابقة التى دعمت فيها "الرعاية الطبية للجميع"، ورعاية التحولات الجندرية بتمويل من دافعى الضرائب للسجناء والمهاجرين المحتجزين، وتقليص تمويل وكالة الهجرة والجمارك، وحظر عمليات التكسير الهيدروليكي.
يؤكد فوز ترامب قبضته المستمرة على الحزب الجمهورى منذ عقد من الزمن، حيث حول الحزب تحت قيادته إلى حزب أكثر تأييدًا للمصالح المحلية وأقل تدخلًا فى الخارج، وأكثر دعمًا للطبقة العاملة وأكثر تنوعًا عرقيًا.
وبينما يدافع عن دوره فى إلغاء قرار «رو ضد وايد»، تعهد ترامب باستخدام الفيتو ضد أى حظر وطنى للإجهاض إذا وصل إلى مكتبه. كما دعا إلى عمليات ترحيل جماعية، وتخفيضات ضريبية واسعة، وفرض رسوم جمركية أشد على الخارج. سيكون لترامب حلفاء أقوياء لتنفيذ أجندته.
حيث سيطر الجمهوريون على مجلس الشيوخ، بينما ظل وضع مجلس النواب غير واضح. ومن المحتمل أن يصطف الجمهوريون فى واشنطن خلفه- كما فعلوا فى حملته- وسيسعى على الأرجح لدفع السياسات من خلال إجراءات تنفيذية.
وكان ترامب قد أعلن انتصاره فى وقت مبكر من صباح الأربعاء، فى ويست بالم بيتش.
واختياره السيناتور جى دى فانس كنائب له، الذى رأى بعض النقاد أنه قد يكون خطأً قد ينفر الناخبين المعتدلين فى الولايات المتأرجحة، يعزز مكانة السيناتور من أوهايو البالغ من العمر ٤٠ عامًا كوريث محتمل للحركة السياسية التى يقودها ترامب، مما يهيئه ليكون من أبرز المتنافسين فى الانتخابات التمهيدية للحزب فى عام ٢٠٢٨.
ترامب، البالغ من العمر ٧٨ عامًا، أصبح الآن أكبر سنًا مما كان عليه بايدن عندما أصبح الرئيس الأكبر سنًا المنتخب فى عام ٢٠٢٠.
ورغم وتيرة حملته المكثفة فى الأشهر الأخيرة، حيث عقد فعاليات أكثر من هاريس البالغة من العمر ٦٠ عامًا، اتهمه منتقدوه بإظهار علامات على تراجع إدراكي، إذ كان يجد صعوبة فى التركيز على فكرة واحدة خلال خطبه المتفرعة، وهى عادة وصفها ترامب بأنها «نسيج بلاغي».
وقد أكد ترامب أنه لا يعانى من «أى مشكلة إدراكية» وأنه «ليس قريبًا من عمر الثمانين»، لكنه رفض نشر سجلات طبية تفصيلية.
حتى داخل حزبه، وُجهت له انتقادات مماثلة فى بداية السباق عندما واجه أكثر من اثنى عشر منافسًا جمهوريًا كانوا يسعون ليحلوا محله كرمز للحزب.
وكانت نيكى هايلي، آخر المرشحين الذين استمروا فى مواجهته فى الانتخابات التمهيدية للحزب الجمهوري، قد اقترحت مرارًا أنه أكبر من أن يعود إلى المنصب وشككت فى حالته الإدراكية.
لكن بعد بضعة أشهر فقط من حملته الثالثة للرئاسة، بدأ ترامب يستعيد شعبيته بين بعض الجمهوريين الذين ابتعدوا عنه بعد خسارته فى ٢٠٢٠، بما فى ذلك من تخلوا عنه بعد اقتحام أنصاره لمبنى الكابيتول فى يناير ٢٠٢١.
جاء فوز ترامب بعد فترة حاسمة من السباق التى كان بعض الجمهوريين يخشون أن تكون كارثية لحملته. عقد تجمعًا فى نيويورك تميز بخطاب عنصري، حيث وصف الكوميدى تونى هينشليفيك بورتو ريكو بأنها «جزيرة عائمة من القمامة».
كما انتقد النائبة السابقة فى الكونجرس ليز تشيني، وصفها بأنها "صقر حرب راديكالي"، وقال إنه يجب أن «تواجه تسعة براميل تطلق عليها النار»، وهو تعليق قال المتحدث باسم حملته إنه كان إشارة إلى أنها لم تشارك فى الحرب.
فى تصعيد لخطابه التحريضى والعنيف فى الأيام الأخيرة من حملته، قال ترامب إنه «لم يكن يجب أن يغادر» البيت الأبيض فى يناير ٢٠٢٠؛ وأشار إلى أنه «لا يمانع» إذا كان على أحدهم «إطلاق النار عبر الأخبار الزائفة» للوصول إليه، وهو تعليق آخر سعى فريق حملته لتوضيحه؛ مدعيًا أن ترامب لم يكن يقصد إطلاق النار على الصحفيين.