Cop 29.. تقرير يحذر: أزمة المناخ تقود إلى كوارث صحية غير مسبوقة - سبورت ليب
عزيزي الزائر أهلا وسهلا بك في موقع سبورت ليب نقدم لكم اليوم Cop 29.. تقرير يحذر: أزمة المناخ تقود إلى كوارث صحية غير مسبوقة - سبورت ليب
بينما تتواصل فعاليات مؤتمر المناخ Cop 29 في أذربيجان، بغية التوصل إلى توافق دولي على آليات مواجهة تداعيات التغير المناخي، يكشف تقرير علمي جديد عن احتمالات خطيرة قد تقود إليها الأزمة المناخية على المستوى الصحي للبشر.
ويحذَّر تقرير Lancet Countdown لعام 2024 من خطورة تجاوز هدف اتفاقية باريس 2015، المتمثل في الحد من ارتفاع درجة حرارة الأرض بمقدار 1.5 درجة مئوية، إذ بلغ متوسط درجة حرارة سطح الأرض في عام 2023 مستوى قياسياً، وصل إلى 1.45 درجة مئوية فوق مستويات ما قبل الثورة الصناعية، ما أدى إلى خسائر في الأرواح، ودمار للسبل المعيشية حول العالم.
يكشف التقرير، استناداً إلى دراسة شاملة أجراها 122 من أبرز الباحثين الرائدين، تجمعهم شراكات من وكالات الأمم المتحدة والمؤسسات الأكاديمية في جميع أنحاء العالم، عن أكثر النتائج المثيرة للقلق حتى الآن في تاريخ هذه الشراكة التي تمتد لـ8 سنوات.
جفاف وأمراض معدية
أظهر التقرير زيادة في الوفيات المرتبطة بالحرارة بين كبار السن بنسبة 167% مقارنة بالتسعينيات.
كما ارتفع التعرض للحرارة أثناء النشاط البدني في الهواء الطلق بنسبة 27.7%، وفُقدت 6% من ساعات النوم نتيجة ارتفاع الحرارة في عام 2023، مقارنةً بالمتوسط بين عامي 1986 و2005.
ويشير التقرير أيضاً إلى أن 48% من مساحة اليابسة العالمية عانت من جفاف شديد، ما تسبب في ارتفاع معدلات انعدام الأمن الغذائي في 124 دولة.
من تأثيرات الطقس القاسية، وتلوث الهواء المباشر، إلى تداعيات التغير المناخي غير المباشرة من خلال تعطيل النظم البيئية، وزعزعة الاستقرار الاجتماعي، تمثل الأزمة المناخية تهديداً مباشراً لصحة الإنسان البدنية، والنفسية، ورفاهيته وحياته.
هذه التأثيرات ليست بعيدة أو مجردة، بل نعيشها الآن في شكل درجات حرارة قياسية في الهند، وفيضانات مميتة في كينيا وإسبانيا، وحرائق ضخمة في الأمازون، وأعاصير مدمرة في الولايات المتحدة. وغالباً ما يكون الأكثر تضرراً هم الأقل مسؤولية عن انبعاثات الغازات المسببة للاحتباس الحراري.
الجهود المناخية وصحة الإنسان
ويقول التقرير إن إعطاء الأولوية للصحة في إطار الجهود المناخية ليس فقط التزاماً أخلاقياً وقانونياً، بل هو أيضاً فرصة استراتيجية لتحقيق فوائد صحية تحولية، وتأمين فرص اقتصادية، وضمان مستقبل عادل ومستدام.
في عام 2022، أصدر الفريق الحكومي الدولي المعني بتغير المناخ IPCC دعوة لاتخاذ إجراءات فورية تحوّل الطموح إلى عمل ملموس لخفض الانبعاثات، والتكيّف مع تغير المناخ، ومعالجة الخسائر والأضرار، لكن يجب ألا تكون الصحة على الهامش، أو معزولة في المناقشات المناخية، فهي تعكس التجربة الحيّة لتغير المناخ.
نجاح الجهود الجماعية لمكافحة التغير المناخي يُقاس ليس فقط بتقليل انبعاثات غازات الدفيئة، ولكن أيضاً بتحقيق تحسينات ملموسة في حياة الناس.
هذه الجهود تهدف إلى تقليل الفجوات الصحية، وسد فجوة التنمية، وخلق رؤية لمستقبل عادل، ومرن، ومستدام، حيث يتم تلبية احتياجات وتطلعات الجميع، وحيث يتم حماية وتعزيز صحة المجتمعات والنظم البيئية.
انبعاثات في ازدياد
بحلول عام 2023، تم تجاوز العديد من حدود الكوكب، حيث تتزايد آثار تغير المناخ بشكل أسرع من المتوقع، وتواصل انبعاثات الوقود الأحفوري في الارتفاع، مع وصول الانبعاثات الكربونية إلى مستويات قياسية، ودعم مباشر وغير مباشر للوقود الأحفوري بقيمة 7 تريليونات دولار في 2022.
تُظهر بيانات هذا العام أن الشعوب في جميع أنحاء العالم تواجه تهديدات غير مسبوقة تضر بالرفاهية والصحة، والبقاء على قيد الحياة، نتيجة التغير السريع في المناخ.
من بين المؤشرات الـ15 التي ترصد المخاطر الصحية المرتبطة بتغير المناخ، بما في ذلك حالات التعرض والتأثيرات، وصلت 10 منها إلى أرقام قياسية جديدة مثيرة للقلق.
إضافة إلى ذلك، تسببت موجات الحر والجفاف في ارتفاع تلوث الهواء، وزيادة أمراض الجهاز التنفسي، كما أدت التغيرات المناخية إلى انتشار الأمراض المعدية مثل حمى الضنك والملاريا في مناطق جديدة.
كما أصبح الناس في جميع أنحاء العالم في خطر متزايد من الأحداث الجوية المتطرفة التي تهدد الحياة.
في الفترة بين 1961 و1990 و2014 و2023، شهد 61% من مساحة الأرض العالمية زيادة في عدد أيام هطول الأمطار الشديدة، الأمر الذي زاد بدوره من خطر الفيضانات، وانتشار الأمراض المعدية، وتلوث المياه.
وبالتزامن مع ذلك، عانت 48% من مساحة اليابسة عالمياً من فترات جفاف شديدة استمرت شهراً على الأقل عام 2023، مسجلة ثاني أكبر مساحة متضررة منذ عام 1951.
وارتبطت الزيادة في أحداث الجفاف وموجات الحر، منذ الفترة من 1981 إلى 2010 أيضاً، بارتفاع حاد في أعداد من يعانون من انعدام الأمن الغذائي المعتدل، أو الشديد عبر 124 دولة تم تقييمها في عام 2022، مسجلاً رقماً قياسياً جديداً.
وبحسب التقرير، تساعد ظروف الطقس الأكثر حرارة وجفافاً في زيادة حدوث العواصف الرملية والغبار. وقد ساهمت هذه الظاهرة البيئية في زيادة عدد الأشخاص المعرضين لتركيزات خطيرة من الجسيمات الدقيقة بنسبة 31% بين الفترة من 2003 إلى 2007 والفترة من 2018 إلى 2022.
خسائر قياسية
وفق التقرير، تعمل أنماط هطول الأمطار المتغيرة، وارتفاع درجات الحرارة على تعزيز انتقال الأمراض المعدية القاتلة مثل حمى الضنك، والملاريا، والأمراض المرتبطة بفيروس غرب النيل، وداء الضمات، ما يعرض الناس لخطر انتقال الأمراض في المناطق التي لم تتأثر بها من قبل.
ارتفعت الخسائر الاقتصادية السنوية الناجمة عن الأحداث المناخية القاسية بنسبة 23% لتصل إلى 227 مليار دولار، وهي تتجاوز الناتج المحلي لأكثر من نصف اقتصادات العالم، كما فُقدت 512 مليار ساعة عمل محتملة بسبب الحرارة، بتكلفة قدرها 835 مليار دولار.
على الرغم من أهمية التكيف، ذكرت 50% من المدن أنها غير مهيأة لمواجهة مخاطر تغير المناخ، وتفيد 35% فقط من الدول بوجود أنظمة إنذار مبكر للأمراض المرتبطة بالحرارة.
تظل الانبعاثات المرتبطة بالوقود الأحفوري مرتفعة، حيث سجَّلت مستويات قياسية من انبعاثات ثاني أكسيد الكربون في 2023.
الطاقة النظيفة والوقود الأحفوري
في المقابل، تواجه الاستثمارات في الطاقة النظيفة تحديات، حيث إن 745 مليون شخص ما زالوا محرومين من الكهرباء.
مع الاستمرار في الاستثمارات في الوقود الأحفوري، حذَّر التقرير من أن العالم يقترب من خسارة 11-29% من الدخل العالمي بحلول 2050.
ومن الجدير بالذكر أن التحول نحو الطاقة المتجددة يحقق فوائد صحية واقتصادية، وقد أشار التقرير إلى زيادة في الوظائف المرتبطة بالطاقة النظيفة بنسبة 35.6% منذ عام 2016.
ووصلت انبعاثات ثاني أكسيد الكربون العالمية المتعلقة بالطاقة إلى أعلى مستوى لها على الإطلاق في عام 2023، إذ تقوم شركات النفط والغاز بتعزيز الاعتماد العالمي على الوقود الأحفوري، ويرجع هذا جزئياً إلى أسعار الطاقة المرتفعة والأرباح غير المتوقعة الناجمة عن أزمة الطاقة العالمية.
وبحسب التقرير، تعمل معظم هذه الشركات على توسيع خطط إنتاج الوقود الأحفوري الخاصة بها.
ومنذ مارس لعام 2024، كانت أكبر 114 شركة نفط وغاز في طريقها لتجاوز حد الانبعاثات المتوافق مع ارتفاع درجة حرارة المقدّر بـ 1.5 درجة مئوية بنسبة 189% بحلول عام 2040، بما يصل إلى 173% قبل عام واحد فقط.
أهداف اتفاقية باريس
يدفع كل ذلك العالم بعيداً عن تحقيق أهداف اتفاقية باريس، ما يهدد صحة الناس وبقاءه على قيد الحياة.
على الرغم من أن الطاقة المتجددة يمكن أن توفر الطاقة لمواقع نائية، إلا أن اعتمادها لا يزال متأخراً، خاصةً في البلدان الأكثر ضعفاً.
ولا يزال حرق الكتل الحيوية الملوثة (مثل الخشب أو الروث) يمثل 92% من الطاقة المستخدمة في المنازل من قِبل الأفراد في البلدان ذات مؤشر التنمية البشرية المنخفض، بينما لا يأتي سوى 2.3% من الكهرباء في هذه البلدان من مصادر متجددة نظيفة، مقارنة بـ 11.6% في البلدان ذات مؤشر التنمية البشرية المرتفع جداً.
وأدى هذا الحرق المستمر للوقود الأحفوري، والكتل الحيوية إلى كارثة صحية عالمية، حيث تسبب فيما لا يقل عن 3.33 ملايين حالة وفاة، بسبب تلوث الهواء بالجزيئات الدقيقة (PM2.5) على مستوى العالم في عام 2021 وحده.
وتسبب الاستخدام المنزلي للوقود الصلب الملوث في وفاة 2.3 مليون شخص بسبب تلوث الهواء الداخلي في عام 2020 عبر 65 دولة تم تحليلها.
الحياد الكربوني
يشدد التقرير على الحاجة إلى تحويل الأنظمة المالية والموارد بعيدًا عن الوقود الأحفوري نحو مستقبل محايد كربونياً.
كما أقرت 151 دولة بأهمية معالجة تأثير تغير المناخ على الصحة، ضمن مفاوضات COP28، مشيرين إلى ضرورة إدراج أهداف صحية في الخطط الوطنية.
على الرغم من أن توفر الموارد المالية يمثل عائقاً رئيسياً أمام التصدي لمشكلة تغير المناخ، إلا إن هناك حاجة ملحة لزيادة الاستثمارات القابلة للتوقع، والعادلة بشكل عاجل لتجنب أخطر آثار تغير المناخ.
وتُظهر مجموعة متزايدة من الأبحاث العلمية أن الفوائد الاقتصادية للانتقال إلى الحياد الكربوني، فيما يتعلق بالغازات المسببة للاحتباس الحراري، ستفوق بكثير تكاليف التقاعس عن اتخاذ أي إجراء.
وتسبب الاعتماد الكبير على الوقود الأحفوري في تعريض العديد من الدول لصدمات حادة في أسعار الطاقة، خاصة بعد الأزمة الروسية الأوكرانية التي أدت إلى اضطرابات في إمدادات الطاقة العالمية.
وللحفاظ على توفير الطاقة بأسعار معقولة للسكان المحليين، لجأت العديد من الحكومات إلى زيادة دعمها الصريح للوقود الأحفوري.
ونتيجة لهذا، فإن 84% من البلدان التي شملتها الدراسة لا تزال تطبق أسعار الكربون السلبية الصافية (دعم الوقود الأحفوري الصريح) في عام 2022، بمجموع قياسي بلغ 1.4 تريليون دولار.
Cop 29 وفرصة حاسمة
بعد عقود من التأخير في اتخاذ إجراءات بشأن تغير المناخ، بات تجنب أسوأ الآثار الصحية لتغير المناخ يتطلب تغييرات متناسقة، وبنيوية، ومستدامة عبر معظم الأنظمة البشرية، بما في ذلك مجالات الطاقة والنقل والزراعة والغذاء والرعاية الصحية.
ورغم أن الجهود المبذولة حتى الآن لا تزال غير كافية لمواجهة تحديات تغير المناخ، وحماية صحة الناس، إلا أنها تشير إلى بداية واعدة لمستقبل أكثر صحة وازدهاراً. ومع ذلك، يتطلب تحقيق هذا المستقبل المزيد من العمل الجاد والالتزام.
ويقول التقرير إنه ومع تسجيل تغير المناخ سجلات جديدة خطيرة، وزيادة الانبعاثات باستمرار، فإن منع أكثر العواقب كارثية على التنمية البشرية والصحة والبقاء، يتطلب الآن دعم وإرادة جميع الجهات الفاعلة في المجتمع. ومع ذلك، تشير البيانات إلى أن المشاركة في القضايا الصحية وتغير المناخ قد تتراجع عبر القطاعات الرئيسية.
ويقول التقرير إن مؤتمر الأطراف Cop 29 فرصة حاسمة لدمج سياسات "الصحة للجميع" في الحلول المناخية، لتشجيع حلول مناخية تركز على الإنسان، وتتسم بالعدالة والاستدامة الاقتصادية، ودعم الجهود الجماعية، والتمويل اللازم لتوسيع نطاق العمل المناخي والصحي.