الدعم الأمريكي لمغربية الصحراء يدفع "البوليساريو" إلى التودد لترامب

الدعم الأمريكي لمغربية الصحراء يدفع "البوليساريو" إلى التودد لترامب
الدعم الأمريكي لمغربية الصحراء يدفع "البوليساريو" إلى التودد لترامب

في أول تعليق لها على عودة الجمهوري دونالد ترامب إلى سدة الحكم في الولايات المتحدة الأمريكية، أبدت جبهة “البوليساريو” الانفصالية “أملها” في مراجعة الرئيس التاسع والأربعين لبلاد العم سام وإدارته الجديدة قرار الاعتراف الأمريكي بمغربية الصحراء، في خطوة قرأ فيها محللون سياسيون “توددا” من الجبهة لقاطن البيت الأبيض الجديد من أجل “التراجع عن هذا القرار، أو على الأقل عدم مواصلة التنزيل السياسي والدبلوماسي له خلال ولايته الثانية”.

وقال من يسمى “ممثل جبهة البوليساريو بمكتب الأمم المتحدة بجنيف”، أبي بشرايا البشير، إن لدى الانفصاليين “أملا في أن يستوعب ترامب وفريقه درس العهدة الماضية، والتأكد من أن النزاع ليس بالبساطة التي كانوا يتصورون”، مردفا أن “هناك قانونا دوليا واضحا، وهناك حلفاء للشعب الصحراوي لا يمكن التغاضي عن وجهة نظرهم”.

وعدّ بشرايا، في تصريح صحافي، أن قرار اعتراف إدارة الرئيس الأمريكي دونالد ترامب بمغربية الصحراء، “شهرا قبل مغادرته الحكم”، لم “يساهم في دفع العملية السياسية الهادفة إلى التسوية السلمية العادلة”، معتبرا أن “الوضع أصبح منذ ذلك الحين متوترا على الأرض وفي البيئة الإقليمية، مع وجود توتر غير مسبوق يهدد بالانفجار في أية لحظة”.

واعتبر محللون سياسيون تحدثوا لهسبريس أن “تحول الجبهة من عدّ الموقف الأمريكي بشأن مغربية الصحراء مجرد تغريدة إلى الإقرار بكونه قرارا يعكس مدى استيعاب الجبهة لثبات هذا الموقف ومخاوفها من اتجاه الرئيس الأمريكي دونالد ترامب خلال فترة ولايته الثانية لتنزيل بنود الاتفاق الثلاثي على أرض الواقع، لا سيما من خلال إحداث القنصلية الأمريكية العامة بالداخلة وضخ الاستثمارات الأمريكية بالصحراء المغربية”.

وأكد هؤلاء الخبراء أن “الجبهة بهذه التصريحات تبيّن التقاطها للمؤشرات التي بعثها ترامب خلال حملته الانتخابية بخصوص تنزيل مقتضيات الاتفاقيات الإبراهيمية، فضلا عن إبداء الولايات المتحدة اهتماما كبيرا بالمبادرة الأطلسية وبالمشاريع التنموية التي تعرفها الأقاليم الجنوبية لإعادة هيكلة الفضاء الأطلسي”.

“تودد ومخاوف”

عبد الفتاح الفاتحي، رئيس مركز إفريقيا للدراسات والأبحاث، أوضح أن “جبهة البوليساريو الانفصالية وراعيها النظام الجزائري يُدركان أن الرئيس ترامب سيواصل خلال ولايته الثانية تنفيذ وتنزيل مقتضيات الاتفاق الإبراهيمي الثلاثي التي تشمل، بالإضافة إلى الاعتراف بمغربية الصحراء، ضخ استثمارات قوية ومهمة بالأقاليم الجنوبية وإحداث القنصلية العامة الأمريكية بالداخلة وتوسيع مجال اتفاقية التبادل الحر بين المغرب والولايات المتحدة ليشمل الجهات الجنوبية للمملكة”.

وأوضح الفاتحي، في تصريح لهسبريس، أنه “من هذا المنطلق، فإن تصريح ممثل الجبهة المزعوم بمكتب الأمم المتحدة في جنيف يعكس وجود مخاوف حقيقية لديها من إقدام إدارة ترامب على الخطوات سالفة الذكر، لا سيما أن الرئيس الجمهوري أكد غير ما مرة خلال حملته الانتخابية على أنه سيمضي قدما في تنزيل مضامين الاتفاقات الإبراهيمية مع الدول العربية؛ وضمنها الاتفاق الثلاثي بين بلده والمغرب وإسرائيل”.

وأكد رئيس مركز إفريقيا للدراسات والأبحاث أن “الانفصاليين، مع عدم تراجع إدارة بايدن عن الاعتراف بمغربية الصحراء، باتوا مقتنعين بأن هذا الأخير هو قرار دولة وليس قرار ترامب أو الجمهوريين”، مستدركا أنه “مع ذلك، فإن الجبهة تحاول قدر الإمكان التودد لقاطن البيت الأبيض المنتخب من أجل إبقاء الدعم الأمريكي لمغربية الصحراء عند حدود الاعتراف وعدم تخطيها إلى الإجراءات الملموسة سالفة الذكر، خصوصا مع تأكد ثبات هذا الدعم”.

وبحكم “استمرار ريادة الولايات المتحدة على المستوى الدولي وهيمنتها في النظام العالمي”، توقع الفاتحي أن “تتسم فترة ولاية دونالد ترامب الثانية بالتحاق دول أخرى عديدة بركب المعترفين بسيادة المغرب على أقاليمه الجنوبية، خصوصا الدول المحترمة لمبادئ ومقتضيات القانون الدولي”، مشددا على أن “مواصلة تكريس وتنزيل الموقف الأمريكي بشأن مغربية الصحراء ستكون من أهم وسائل الطي النهائي لهذا النزاع المفتعل”.

“تحركات استباقية”

من جهته، أكد لحسن أقرطيط، محلل سياسي، أن “جبهة البوليساريو، ومن ورائها الجزائر مالكة قرارها السياسي، يتملكهما قلق كبير مما سيترتب عن مجيء دونالد ترامب، مهندس الموقف الأمريكي التاريخي بشأن مغربية الصحراء، من خطوات وإجراءات سياسية ودبلوماسية واقتصادية كبيرة ستقوم بها الولايات المتحدة تنزيلا لهذا الموقف”.

وأضاف أقرطيط، في تصريح لهسبريس، أن “تصريح ممثل الجبهة برغبة الأخيرة في مراجعة الإدارة الجمهورية الجديدة لموقفها الداعم لمغربية الصحراء تحرك استباقي منها قبل تسليم السلطة للرئيس الأمريكي الجديد”، مؤكدا “غياب إمكانية تأثير مثل هذه التحركات على عزم الأخير تنزيل هذا الموقف، خصوصا أنه يرتبط بمصالح اقتصادية وجيوسياسية وأمنية كبيرة للولايات المتحدة بمنطقة شمال إفريقيا والقارة ككل”.

وأشار المحلل السياسي ذاته إلى أن “الولايات المتحدة عبّرت عن اهتمامها بالمبادرة الأطلسية الرامية إلى مساعدة دول الساحل على الولوج إلى المحيط الأطلسي، ومختلف المبادرات المغربية لإعادة هيكلة هذا الفضاء، وتعزيز البنى التحتية للموانئ والمطارات بالأقاليم الجنوبية”، مبرزا أنه “نظرا لهذه المعطيات، فإن ولاية ترامب الثانية ستشهد تسريع وتيرة تنزيل وتكريس الموقف الأمريكي على مستوى هذه الأقاليم”.

وذكّر المحلل السياسي ذاته بأن “الجبهة والجزائر باتتا واعيتين بعدم إمكانية تزحزح الموقف الأمريكي، بعد أن كانتا تعلقان الآمال على عدم التزام إدارة بايدن المنتهية ولايته بقرار دونالد ترامب”، مردفا أن “هذه الآمال خابت مع اتضاح ثبات بايدن على موقف سلفه؛ بل أكثر من ذلك كانت هناك زيارات لصقور الديمقراطيين والجمهوريين ورؤساء المؤسسات والأجهزة الفيدرالية من قيادة مكتب التحقيقات الفيدرالي وقيادة المجمع الأمني، حملت تأكيدا على مغربية الصحراء”.

قد تقرأ أيضا