"موظف رقمي" يعمل على تبسيط الخدمات الإدارية في جماعة المحبس

"موظف رقمي" يعمل على تبسيط الخدمات الإدارية في جماعة المحبس
"موظف رقمي" يعمل على تبسيط الخدمات الإدارية في جماعة المحبس

في خطوةٍ غير مسبوقة، تبتغي تسهيل الخدمات الإدارية وتسريع المعاملات المرتبطة بها، عزّزت جماعة المحبس الحدودية بإقليم آسا الزاك مواردها البشرية بـ”موظف جماعي رقمي” عبارة عن روبوت محادثة يعتمد على الذكاء الاصطناعي، مُثبّت على موقعها الإلكتروني الرسمي بغرض الإجابة عن تساؤلات الساكنة بخصوص المساطر والإجراءات المرتبطة بالحصول على الوثائق الإدارية.

نظام “الموظف الجماعي الرقمي”، الذي طوّرته شركة فرنسية متخصصة في الذكاء الاصطناعي والتحول الرقمي، والذي يُديره ويُشرف عليه مهندسون مغاربة ينحدرون من منطقة الزاك، يأتي “لتيسير الإجراءات سالفة الذكر، خصوصاً المرتبطة بطلبات الشهادات، الرخص والشكاوى”، بغرض توفير الوقت لقاطني الجماعة، وتجنيبهم “تكبد عناء الوصول إلى مقرها عدة مرات، خصوصاً مع الصعوبات التي يلاقيها بعضهم في هذا الإطار”.

ويعمل مبتكرو “الموظف الجماعي الرقمي”، الذي شرع في العمل رسمياً يوم 9 نونبر الجاري بعد تدشينه من قبل المسؤولين الترابيين والمنتخبين بجهة كلميم واد نون تخليداً لذكرى المسيرة الخضراء، على تطوير خدماته لتشمل “المساعدة في معالجة الوثائق اللازمة للحصول على دفتر الحالة المدنية ومعالجتها وتدقيقها، ليبقى دور ضابط الحالة المدنية مُقتصراً على إعادة التدقيق وإصدار الدفتر”، وفق شروحاتهم لهسبريس.

رضا آيت الحسيني، مهندس ومؤسس الشركة، قال: “منذ نحو سنة تقريباً شرعنا في الشركة في تطوير روبوت الموظف الرقمي، إلا أننا لم نكن ندرك على وجه التحديد لأي طرف أو جهة سنبيعه أو نمنحه إلا بعد قيامنا بإنشاء البوابة الإلكترونية للجماعة، حيث عبّر مسؤولها عن رغبته بتعزيز البوابة بمثل هذا الابتكار الرقمي”، مُردفاً “على إثر ذلك بدأت الجماعة في تزويد الشركة بالمعلومات والمعطيات التي تُريد أن تتضمنها قاعدة البيانات الخاصة بهذا الروبوت”.

وكشف الحسيني، في دردشة مع جريدة هسبريس الإلكترونية، أن “قاعدة بيانات الموظف الجماعي الرقمي تضم معطيات مفصلة حول الوثائق والإجراءات الإدارية اللازمة للحصول على أي وثيقة إدارية تُقدمها جماعة المحبس، ومعلومات عن منتخبيها ومسؤوليها ومسؤولي آسا الزاك عموماً”، مُشيراً إلى أن “هدفه هو مساعدة الموظفين الجماعيين في الإجابة عن تساؤلات سكان الجماعة، وتسهيل الخدمات المقدمة لفائدتهم وتسريعها”.

هدف آخر لـ”الموظف الجماعي الرقمي”، يُتابع الحسيني، يتمثل في “توفير الوقت لسكان الجماعة وتجنيبهم عناء التنقل عدة مرات لأجل الحصول على وثائق إدارية بمقر الجماعة، سيّما أن نسبة مهمة منهم تقطن بأماكن بعيدة جداً وتواجه صعوبات عديدة في الوصول إلى المقر”، لافتاً إلى أن “هذا الروبوت يشتغل طيلة أيام الأسبوع، 24/24 ساعة في اليوم، مما يجعله قادراً على الإجابة عن أسئلة هؤلاء في أي وقت يريدون”.

آلية العمل

بخصوص آلية عمل الموظف الرقمي، أوضح المهندس ذاته أن “هذا الموظف حينما يُوجَّه إليه سؤال بشأن وثيقة أو إجراء إداري ما يرجع إلى قاعدة المعطيات والبيانات الخاصة به ويبحث عن الإجابة ليعود بها إلى السائل”، مُضيفاً أن “هذه القاعدة ضمّناها 80 بالمائة فقط من المعلومات والمعطيات التي يحتاجها الموظف الرقمي في عمله، بينما 20 بالمائة المتبقية سيحصل عليها من تطورهِ، مثل أي موظف عادي يبدأ في الشركة بقاعدة مهارات ومعلومات يطورها فيما بعد مع مرور الوقت”.

هنا يختلف نظام الموظف الرقمي عن روبوت المحادثة “شات جي بي تي”، “فالأخير يعتمد أساساً في تقديم إجاباته عن أسئلة المستخدمين على البحث في البيانات والمعطيات المنشورة على الإنترنت في غوغل وويكيبيديا ومواقع إخبارية وغيرها”، يُضيف الحسيني.

وفي جوابه عن سؤال لهسبريس حول “سبب عدم ربط خادم وقاعدة بيانات نظام الموظف الرقمي بالإنترنت”، لفت المتحدث ذاته إلى أن “هذا الربط كان سيجعل هذا الموظف مجتهداً ويتطور بسرعة، لكننا ارتأينا تجنب ذلك لسببين: الأول يهم الحفاظ على أمن وسلامة معطيات ومعلومات مستعمليه من أي اختراق سيبراني. والثاني يتعلق بضمان تفادي تقديمه لأي معلومات مغلوطة للمواطنين”.

“الموظّف يتطور”

يذكر الحسيني أن مهندسي الشركة “يشتغلون رفقة ضابط الحالة المدنية بجماعة المحبس من أجل تطوير خدمات الموظف الرقمي ليكون قادراً على تسهيل حصول السكان على دفتر الحالة المدنية، خاصةً أنه من الوثائق التي لا يمكن الحصول عليها إلا بالتنقل إلى مقر الجماعة مكان الازدياد”.

وتابع قائلا: “سيكون بإمكان الراغب بالحصول على دفتر الحالة المدنية إخبار الموظف الجماعي الرقمي بمعطياته الشخصية وغرضه الإداري هذا. وإثر ذلك يطرح الموظف سؤالاً على المرتفق حول ما إذا كان مزداداً بجماعة المحبس، فإذا تمّت إجابته بالسلب، سيُخبر المعني بضرورة التوجه إلى مكان الازدياد لإيداع طلبه”.

أما في حال ما كان صاحب الطلب قاطناً بالجماعة، فإن “الموظف الرقمي يقوم بتجميع الوثائق والأوراق اللازمة منه، والتحقق منها، ثم يرسل رسالة في اليوم الموالي إلى ضابط الحالة المدنية يُخبره فيها بكون الأوراق جاهزة، مع طلب إعادة التأكد من صحتها ومدة صلاحيتها”، يضيف الحسيني، مشيرا إلى أنه “حين يتأكد الضابط منها يُرسل الروبوت رسالة إلى صاحب الطلب يُشعره فيها بالتاريخ الذي يُمكنه فيه القدوم إلى المجلس الجماعي لأخذ دفتر الحالة المدنية الخاص به”.

واسترسل قائلا: “بهذا المعنى فإن المرتفق في اليوم الذي سيحضر فيه الوثائق الإدارية ورقياً سيتمكن من الحصول على الدفتر العائلي الخاص به، على أن يتم إعفاؤه لاحقاً من إحضار هذه الوثائق، نظراً لكون ضابط الحالة المدنية على علم بمعطيات السكان في نهاية المطاف”.

رسائل متعددة

مشروع الموظف الرقمي بجماعة المحبس يبعث رسائل متعددة، وفق ما كشف عنه الحسيني تفاعلاً مع أسئلة هسبريس، مبرزا أن “الجماعة بتبنيها المشروع تستجيب للدعوات الملكية لاستقطاب الكفاءات المغربية المقيمة بالخارج وإشراكها في تنمية البلاد”. وأضاف أن الجماعة “لم تستقطب أفراداً بعيدين عن الزاك، بل هم أبناء المنطقة وعارفون بخباياها”.

وأوضح أن تأسيس فرعٍ لشركته بالمحبس، للإشراف على هذا المشروع وغيره، هو محاولة لبعث رسالة إلى جميع الفاعلين الاقتصاديين الراغبين بالاستثمار في الصحراء المغربية بأنها “مُستقرة وآمنة وجاهزة لاحتضان جميع الاستثمارات ما دامت شركة فرنسية تستثمر في آخر نقطة حدودية في هذه الصحراء”.

وشدد على “أهمية هذا الأمر، خاصةً أن المنطقة مقبلة على مشاريع واعدة وضخمة، منها المرتبطة بتصدير الهيدروجين الأخضر إلى بريطانيا”، لافتاً إلى “رغبة شركات أخرى بالاستثمار في مشاريع مماثلة، لكن لا يمكنها أن تقوم بذلك إلا بعد التأكد من أن الأمن مستتب، وهو الواقع الذي نحاول تأكيده من خلال استثمارنا في المحبس”.

ولم يفوّت الحسيني في ختام دردشته مع هسبريس الفرصة دون توجيه الشكر إلى كل من والي جهة كلميم واد نون، وعامل إقليم آسا الزاك، ورئيس المجلس الإقليمي لآسا الزاك، ورئيسة جماعة المحبس على دعمهم وتشجيعهم وتعاونهم في إنجاح مشروع الموظف الرقمي الأول من نوعه في الجماعات المحلية بالمغرب.

قد تقرأ أيضا