الشائعات فى مصر بين التحديات والمواجهة
تعد الشائعات أحد أخطر التحديات التى تواجه المجتمعات فى عصرنا الحالى، حيث أصبحت أداة قوية فى زعزعة الاستقرار وتوجيه الرأى العام بطرق غير صحيحة، وتشكل حرب الشائعات جزءًا من الصراع المتواصل بين قوى ترغب فى تحقيق الاستقرار والتقدم، وأخرى تسعى لزرع الفوضى والتضليل.
والشائعة عزيزى القارئ هى خبر أو معلومة غير مؤكدة تنتشر بسرعة بين عموم الناس، وغالبًا ما تعتمد على عناصر الجذب والإثارة، وتتراوح الشائعات بين الأخبار المضللة عن الأوضاع الاقتصادية والسياسية، حتى الشائعات الصحية والاجتماعية، وتكمن خطورة هذه الشائعات فى قدرتها على إثارة البلبلة وإحداث حالة من الفوضى النفسية والاجتماعية.
وفى مصر، تظهر الشائعات بشكل مستمر فى أوقات الأزمات أو التحولات الاقتصادية والسياسية، ويمكن أن تتعلق الشائعات بمشروعات قومية أو قضايا تمس حياة الناس اليومية، على سبيل المثال لا الحصر توافر الخدمات، والمشاريع التنموية، وغيرهما.
وللأسف بسبب تطور وسائل التواصل الاجتماعى أصبحت مواقع التواصل أداة مثالية لنقل الشائعات، حيث تُنشر المعلومات بسرعة غير مسبوقة، دون التحقق من مصداقيتها.
وعندما نتطرق إلى قضية الوعى يؤدى نقص الوعى بين فئات المجتمع إلى انتشار الشائعات بسهولة، حيث يميل البعض إلى تصديق ما يسمعونه دون البحث عن الحقائق.
وإذا تطرقنا إلى الأزمات الاقتصادية والاجتماعية، نجد أن الأزمات تسهم فى خلق بيئة خصبة لانتشار الشائعات، إذ تزيد الضغوط على المواطنين، ما يجعلهم أكثر عرضة لتصديق الأخبار المثيرة والمغلوطة.
كما أنه من أسباب انتشار الشائعات الاستهداف الخارجى، إذ تتعرض مصر لحملات ممنهجة تهدف إلى زعزعة الاستقرار الداخلى، من خلال بث شائعات مغرضة تهدف لإثارة الشكوك بين الشعب والقيادة، ولذا يجب تفعيل آليات المواجهة من خلال تعزيز الوعى المجتمعى، فمن الضرورى توعية المواطنين بأهمية التحقق من مصادر الأخبار، وعدم الانسياق وراء الشائعات، ويمكن استخدام حملات إعلامية وبرامج توعية لتعزيز الفهم الصحيح لمخاطر الشائعات.
بالإضافة إلى أمر مهم، ألا وهو تطوير وسائل الإعلام الرسمية؛ إذ يجب أن تواكب وسائل الإعلام الرسمية التغيرات الحديثة، وتكون مصدرًا موثوقًا للمعلومات، كذلك من الضرورى توفير الأخبار بسرعة وشفافية لتقليل فرص انتشار الشائعات.
بالإضافة إلى تفعيل القوانين، بل وضع قوانين صارمة تجرّم نشر الشائعات عمدًا، ما يسهم فى الحد من الظاهرة، مع ضمان تطبيق هذه القوانين بموضوعية. ومن ضمن آليات المواجهة أيضًا التعاون مع منصات التواصل الاجتماعى من خلال التعاون مع شركات التكنولوجيا لرصد الشائعات ومواجهتها بشكل فعال، ما يشمل وضع آليات للتحقق من الأخبار وتوضيح المعلومات المغلوطة.
وقد شهدت مصر خلال السنوات الماضية العديد من الشائعات التى استهدفت الاقتصاد، مثل شائعات نقص السلع الأساسية، وفى بعض الأحيان، كانت الشائعات تستهدف قضايا مهمة، مثل شائعات حول الصحة العامة، وغيرها من الشائعات.
وفى الحقيقة أرى أنه يقع على عاتق كل مواطن دور مهم فى مواجهة حرب الشائعات، من خلال الامتناع عن نشر أى معلومات غير مؤكدة، والتحقق دائمًا من المصادر قبل تداول أى أخبار، بالإضافة إلى نشر الوعى بين أفراد المجتمع المحيط.
فالشائعات تشكل تهديدًا كبيرًا على الاستقرار الاجتماعى والسياسى والاقتصادى، ومن الضرورى أن تتكاتف الجهود لمواجهة هذه الحرب بتعزيز الوعى المجتمعى، وتطوير الإعلام، وتطبيق القوانين، لتقليل تأثير الشائعات والحفاظ على استقرار الوطن.