الوزير برادة يثير الجدل بعد عجزه عن إجابة أطفال بشأن الذكاء الاصطناعي

الوزير برادة يثير الجدل بعد عجزه عن إجابة أطفال بشأن الذكاء الاصطناعي
الوزير برادة يثير الجدل بعد عجزه عن إجابة أطفال بشأن الذكاء الاصطناعي

انتقادات كثيرة قابلت عجزَ وزير التربية الوطنية والتعليم الأولي والرياضة، مُحمد سعد برادة، عن تقديم إجابة شفوية واضحة عن تساؤلات طفلة برلمانية، الأربعاء، بشأن خُططه للحد من التداعيات السلبية لتوظيف الذكاء الاصطناعي من قبل التلاميذ على جودة أدائهم المعرفي وتحصيلهم الدراسي، وتفضيله مدّ المعنية بإجابةٍ كتابيةٍ؛ إذ عدّ سياسيون وباحثون في الشأن التربوي أن برادة “أبدى بسلوكه هذا ضُعفاً غير مُبرر بالنسبة لمسؤول يُدبّر قطاعاً تتزاحم فيه ملفات حساسة كالتربية الوطنية”.

وقالت طفلة برلمانية، خلال الدورة الوطنية لبرلمان الطفل 2025/ 2023 التي عقدت في إطار جلسة عمومية بمقر مجلس النواب، إنه “في قطاع التعليم يلاحظ تدهور في مستوى التحصيل الدراسي للتلاميذ بسبب اعتمادهم على وسائل الذكاء الاصطناعي بدل تطوير مهاراتهم الفكرية”، مُسائلةً برادة عن “خطط الوزارة لأجل معالجة هذه الظاهرة وضمان استفادة الطلاب من هذه الوسائل كأدوات مكملة للتعليم وليس كبديل عنها”.

برادة، الذي بدا مُرتبكاً في تفاعله مع سؤال الطفلة البرلمانية قال: “لم أُعدَ لهذه الأسئلة، سأحاول (الإجابة عنها)، إذا لم أقدر سأجيب كتابةً لاحقاً”، قبل أن يُردف بأن “مُشكل الذكاء الاصطناعي لا توجد إجابات اليوم يُمكن أن تقول إن لدينا الحل له”، بتعبيره.

وقال برادة، وهو رجل أعمال كذلك، مُخاطباً الأطفال البرلمانيين، إن “السؤال الذي يبقى دائماً مطروحاً: هل هذه *ماشي إمكانية لتحسين الأجوبة في الامتحانات*؟”، مضيفاً أن “هذه الأسئلة مطروحة، *وإذا بغيتو غنعطيكم تفاصيل أكثر من بعد كتابةً*؟”.

“ضُعف غير مبرر”

نبيلة منيب، النائبة البرلمانية عن الحزب الاشتراكي الموحد، قالت معلقة على الموضوع: “إن الحزب نبّه منذ الإعلان عن التشكيلة الحكومية الجديدة في إطار التعديل الحكومي إلى أن تعيين أشخاص على رأس قطاعات حساسة وحيوية كالصحة والتعليم، دون امتكلاهم أي خبرة فيها أو دراية بخباياها، يُعد أمراً غير مفهوم أو مُبرر”.

وأضافت منيب، في تصريح لهسبريس، أن “وضع رجل أعمال على رأس وزارة التربية الوطنية، التي تعرف تغيرات ومشاكل تُماثل من حيث العمق تلك التي تعرفها الصحة، يرفع الكثير من التساؤلات حول قدرته على إصلاح القطاع في ظل ضغوطات المؤسسات الدولية المُقرضة لتشجيع التعليم الخاص وتخريب المدرسة العمومية”، مُبرزةً أنه “من غير المقبول أن يكون الوزير المعيّن لا يملك نظرة شُمولية ودقيقة لإصلاح ما يُمكن إصلاحه وإخراج القطاع من دوامة هذه المشاكل”.

وعدّت النائبة البرلمانية عن الحزب الاشتراكي الموحد أن “ظهور وزير التربية الوطنية أمام هؤلاء البرلمانين الأطفال، الذين كانت جميع مُداخلاتهم مشرفة وموفقّة، بهذا الضعف والعجز، أمر صعب جداً وغير مقبول، ويبعث رسالة بأن الوزير والحكومة لا يهتمان بالمشاكل والقضايا الملحة المطروحة في القطاع، ولا يعتبرانها أولوية أو يريدان إصلاحها إصلاحاً حقيقياً بما يقوي مدرسة الشعب الكفيلة بتسليح أبناء المغاربة بالمهارات والحس النقدي والثقافة العامة”.

وذكرت مُنيب أن “التحديات التي يطرحها الذكاء الاصطناعي بالنسبة للمنظومة التعليمية موضوع راهني وليس بالغريب، ولذلك من غير المقبول ألا يكون الوزير يمتلك خلفية معرفية شاملة عنه”، مُشيرةً إلى أنه “من المفروض أن يُساير الوزير ويأخذ بعين الاعتبار السرعة التي يسير بها تطور توظيف الذكاء الاصطناعي من قبل جميع مكونات هذه المنظومة، سواء المدرسين أو التلاميذ وغيرهم”.

وتابعت المتحدثة شارحةً بأن “جميع الخبراء والباحثين في الشأن التربوي، بل الجميع في العالم، يتحدثون في كيفية الاستفادة من الذكاء الاصطناعي لتطوير التعليم والحد من سلبياته على هذا القطاع”، مُسجّلةً أن “كل هؤلاء، وينبغي أن يكون الوزير على علم بذلك أيضا، يستحضرون تجربة الدول الاسكندنافية التي تراجعت عن توظيف الذكاء الرقمي في التعليم بشكل كبير وعياً منها بأهمية بقاء الطفل في التعليم الابتدائي والإعدادي على وجه الخصوص لصيقاً بطرق التعلم التقليدية، بعدما أدى هذا التوظيف إلى تدني كفاءات التلاميذ”.

“أسئلة غير مُفاجئة”

من جهته شددّ خالد الصمدي، كاتب الدولة للتعليم العالي سابقاً، على أن “إجابة بعض الوزراء عن أسئلة الأطفال البرلمانيين بالدارجة، وعجز بعضهم، كوزير التربية الوطنية، عن الإجابة عن بعض الأسئلة، واختباؤه وراء الجواب الكتابي، يطرح إشكالات كبيرة حول مدى جديتهم في التحضير لهذه الجلسة العمومية لبرلمان الطفل التي هي مُناسبة سنوية في نهاية المطاف”.

وأضاف الصمدي، في تصريح لجريدة هسبريس، أن “مُناسباتية هذه الجلسة كانت تفرض أن يوليها الوزراء الأهمية اللازمة ويحضروا لها بالشكل الكافي للإجابة عن جميع الأسئلة؛ فهؤلاء التلاميذ / الأطفال البرلمانيون لن يتسنّى لهم حضور البرلمان مرة أخرى أو الاتصال بهم من قبل هؤلاء الوزراء لمنحهم الجواب الكتابي مثلما هو الشأن بالنسبة للنواب”.

وشددّ المتحدث ذاته على أن “مثل هذه المناسبات تقتضي ظهور المسؤول الحكومي بصورة مشرفة ومقنعة للأطفال وللرأي العام ككل، سواء على مستوى مضمون إجاباته أو على مستوى شكل وطريقة تقديمها، وهو للأسف ما لم يقم به الوزير سالف الذكر، مثل عدد من الوزراء الآخرين الذين قدّموا إجابات مرتبكة ومختصرة وبلغة لا ترقى إلى المستوى المطلوب في المؤسسة التشريعية”.

وأكد الخبير التربوي أنه “من حيث المبدأ فسؤال الطفلة البرلمانية لم يكن مُفاجئا، فهو طُرح لوزير التربية الوطنية وليس لوزير الصناعة والتجارة”، مُوضحاً أن أن “أي وزير يجب أن يكون لديه إلمام بمختلف الموضوعات ذات الصلة بالقطاع الذي يُشرف عليه ومستوعب للملفات الكبيرة والصغيرة المطروحة داخله”.

وتابع الصمدي شارحاً بأن “هؤلاء الأطفال والشباب كان من المعلوم أنهم سيطرحون أسئلة معروفة وراهنية من قبيل المرتبطة بالرقمنة والذكاء الاصطناعي والقيم، ولو كان هناك اهتمام بالموضوع وتحضير مسبق من الوزير لها لأعطى صورة مخالفة لما شهدناه أمس”.

وأكد كاتب الدولة للتعليم العالي سابقاً أن “أي وزير يجب أن يتوفّر فيه شرطان أساسيان، هما القدرة على إدراة الملفات والتواصل، والقرب من المجال، بما يضمن النجاح في التجربة الحكومية”، مُوضحاً أن “الوزير برادة عُيّن في مرحلة حرجة، حيث لم تتبقّ إلا سنتان على نهاية الولاية الحكومية، ولذلك فالمفروض أن يعمل على استيعاب جميع الملفات المطروحة بالنسبة للقطاع بالسرعة المطلوبة والاشتغال عليها، شأنه في ذلك شأن كافة الوزراء المعينين في إطار التعديل الحكومي”.

قد تقرأ أيضا